حسن المعاملة في الإسلام
وضح الدين حسن المعاملة في الإسلام والتي تتضمن الكثير من الأحكام الشرعية والحقوق الدينية التي يجب أن يقوم بها المسلم في حياته العامة، وتعتبر الأخلاق بشكل عام ضرورية لكل مسلم وبمثابة نمط سلوك الإنسان في حياته، لكونه يرتكز على هدف واحد وهو نيل رضا الله -تعالى- ومحبته وتطبيق رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ومساعدة الآخرين في تلبية رغباتهم والتعامل معهم بإحسان.
بحيث يجب على كل إنسان أن يتحقق من أفعاله وان تكون نيته فيها الخير وان لا يتعدى على غيره، وقد جاء في الإسلام عدد من الأخلاقيّات المختلفة التي حث عليها الله تعالى في القرآن الكريم والسنة النبوية، وهذا ما سنعرفه خلال مقالنا هذا.
حسن المعاملة في الإسلام
حتى يتم تطبيق حسن المعاملة في الإسلام هناك الكثير من الأخلاقيات المختلفة التي أمر الله بها سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، وفيما يلي يمكن توضيح ذلك:
الصدق في التعامل مع الناس
يعتبر الصدق من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم في تعامله مع نفسه أو مع الآخرين، حيث أنه صفة من صفات أهل البر والتقوى وينبغي على المسلم أن يصدق حتى مع الله سبحانه وتعالى في تجديد النية الحسنة والقيام بالأعمال الطيبة التي يرضى عنها ويحبها الله، ولذلك يمكن القول كون الصدق يشمل أيضًا صدقه في نواياه مع الله -تعالى-، قال الله -تعالى- والدليل على ذلك قوله سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ).
كما أن المسلم الصادق الذي يظل صادقًا يُكتب عن الله سبحانه وتعالى صادق، والصدق ينطبق على جميع الأعمال التي يقوم بها الإنسان الظاهرة والباطنة، كما أنه هو أساس للإيمان بالله تعالى، ويكون الصدق بشكل عام في جميع الأقوال كما يكون في الأفعال مع الناس والآخرون.
أقرأ المزيد: شرح الضمانات في المعاملات التجارية وفق مبادئ الشريعة الإسلامية
العفو والصفح عن الناس
العفو والصفح عن الناس من حسن المعاملة في الإسلام وهي سبب من من أسباب التقوى والإيمان بالله سبحانه وتعالى، والدليل على ذلك قال الله -تعالى-: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، حيث أن العفو عند المقدرة صفة من صفات المتقين المحبين لله تعالى، وقد يكون العفو بالصفح عبر سماح خطأ للشخص محسن وقع فيه من الزلل، وهناك الكثير من الآثار الإيجابية التي تعود بالنفع للناس الذين يتحلون بهذه الصفة، منها نيل المسامح العزة من الله -تعالى-، اكتساب القرب والمحبة عند الله وعند الآخرين، بالإضافة إلى ذلك نيل رضا الله -تعالى-
التعاون على البر والتقوى
من حسن المعاملة في الإسلام التعاون وذلك باشتراك مجموعة من الأفراد حتى يقومون بتحقيق مصالح مشتركة معينة، وهذه الأمور قد تكون لها علاقة بهم أو بالآخرين في حياتهم ومعيشتهم، ولكن ينبغي أن يكون التعاون فيما به رضا الله -تعالى- والتعاون له أهمية كبيرة حيث قال الله سبحانه وتعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى).
وحتى يتم توضيح التعاون فيمكن أن يكون في عدة أمور وفي مختلف المجالات منها: التعاون على إقامة أو وضع حدود الله، ورفع الظلم عن المظلوم، بالإضافة إلى ذلك التعاون والمشاركة في دعوة الناس إلى حب الله تعالى والتقرب منه، والاشتراك في مساعدة الفقراء والمحتاجين من الناس.
الإيثار في التعامل
يعتبر الإيثار من أفضل العبادات التي يتحلى بها المسلم وتصنف من ضمن أهم علامات حسن المعاملة في الإسلام، وهو فضيلة نفسية تعني تقديم الفرد لغيره الكثير من الأشياء التي يحتاجون إليها وكل ما يرغبون به رغم أنه قد يحتاج إلى هذا، وقد جاءت الكثير من الأدلة التي وضحت أهمية الإيثار في الإسلام، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
حيث أن المؤثر يبدأ بتقديم المساعدة لأخيه المسلم وقضائها دون أن يلتفت إلى حاجته، وهناك الكثير من الفوائد المختلفة التي قد تعود إلى المسلم الذي يؤثر على نفسه، منها الثناء من الله -تعالى-. وزيادة القرب والمحبة بين الناس، وعلى الرغم من أهمية الإيثار إلا انه له الدرجات حيث أن الدرجة الأولى هي تقديم مساعدة الآخرين على نفسك حيث انك تحرم نفسك من أي أمر حتى تقدم المساعدة لهم، أما الدرجة الثانية فهي تقديم رضى الله -تعالى- على رضا غيره من هوى النفس وغيرها، أما الدرجة الثالثة فهي نسبة الإيثار إلى الله عز وجل.
التكافل بين الناس
من حسن المعاملة في الإسلام أيضًا التكافل بين الناس وتشمل فكرة التكافل بين الناس في العمل على سد الحاجات والاحتياجات المختلفة التي يرغب بها المسلم ومعرفة الثغرات بين أفراد المجتمع ومحاولة إصلاح الخلل الذي وقع فيه الناس والتعاون فيما بينهم عند كل موقف وجميع الحوادث والكوارث، وقد ينعدم خلق التكافل فيما بين الأفراد وقتما يكون الناس منكبين أو منغلقين على مصالحهم وليسوا مبالين بمصلحة الآخرين.
وعلى الرغم من أهمية التكافل بين الناس إلا أنه له بعض المعايير الأساسية والشروط، بحيث يجب أن يكون التكافل على الخير وليس الشر، مثل تكافل قريش فيما بينهم على الشر لمحاولة حصار المسلمين في شعب أبي طالب، ولذلك يجب أن يكون التكافل فيما بين المسلمين بتحقق أمر معين يحبه الله ويرضى عنه أو إيقاف موقف معين لا يرضى الله عز وجل، ومن أبرز أمثلة الصور الحسنة في التكافل هي تكافل الأنصار فيما بينهم لمحاولة مساعدة المهاجرين عندما ذهبوا وتركوا ديارهم وجميع أموالهم وكل أمورهم من وراءهم في مكة المكرمة.
أقرأ المزيد: مفهوم السوق في الفقه الإسلامي
الألفة في التعامل
من حسن المعاملة في الإسلام وتكون الألفة بشكل عام في تعاون النّاس فيما بينهم البعض بحب ولطف ورفق، حيث أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على ذلك كما قال الله عز وجل: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ)، وفي الألفة بين الناس الاستقرار التام لجميع أمور المجتمع الإنساني، كما اكد علماء الدين على كون الألفة أهم من الإنصاف والعدل لكونها تشمل كل هذه المعاني والصفات الأخرى، وعند غيابها قد يحتاج الناس إلى العدل والإنصاف والمطالبة بالعدل وتطبيق حقوق الإنسان.
ومن أبرز ما يميز الألفة كونها خير دليل على القلب الصافي الخالي من النفاق وعلى كون الشخص يحب للآخرين كما يحب لنفسه، ومحاولة في نشر الخير والبركة في المجتمع، بالإضافة إلى ذلك قد تساعد الألفة على تحقيق الوحدة والاعتصام بين الناس والالتزام بجميع المبادئ الأخلاقية، وعلى المسلم أيضًا يدرب نفسه على الألفة مع نفسه ومع الآخرين، وذلك حتى يطبق دينه الإسلامي بشكل صحيح.
يمكن التعرف على حسن المعاملة في الإسلام التي يجب على الإنسان القيام بها والتحلي بهذه الصفات الحسنة التي يحبها الله تعالى، وقد جاءت الكثير من الأدلة التي تؤكد على أهمية حسن التعامل مع الآخرين والمسلمين وعدم التعرض لأي أذى لهم وتحقيق أحوالهم ومصالحهم في كل مجالات الحياة بشكل طبيعي.