ما هو الربا وأحكامه الشرعية؟ الربا هي كلمة تعني في المعجم العربي النماء والزيادة في الشيء وارتفاعه وفي الشرع ما يزداد على أصل البيع أو الدين من مال دون حق أو ما يزاد بعد فترة محددة من الوقت بلا مقابل، فما زاد من الأصل هو الربا سواء كان في اللحظة نفسها أو بعد فترة محددة من الزمن وقد اختلف الفقهاء في تعريف الربا.
الربا وأحكامه الشرعية
إن الربا من أعظم المحرمات فقد شددت النصوص الشرعية على حرمة الربا وحذرت من عاقبه التعامل به ومن ذلك ما جاء في قول الله تعالى: (“الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون* يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم”).
تحريم الربا
الربا وأحكامه الشرعية حيث ظهر في تحريم الربا في القرآن والسنة النبوية واختلاف العلماء في طريقة نزول حكم الربا من قال إن الحكم نزل على مراحل ومنهم من قال إنه نزل جملة واحدة وهو قطعي التحريم دليل على ذلك في قوله: (“يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنت مؤمنين* فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم ولا تَظلمون ولا تُظلمون”) وفي هذه الآيات توضيح لعاقبة مرتكب الربا وأن عليه حرب من الله والرسول وهو عدو لهما.
كما جاء في قول الله تعالى: (“وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل واعتدنا للكافرين منهم عذابًا أليم”) وتظهر هذه الآية سوء فعل مرتكب الربا الذي تبينت له حرمة الربا ومع ذلك لم ينته عنه.
كذلك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (“لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ومؤكله. قال: قلت وكاتبه وشاهديه؟ قال إنما نحدث بما سمعنا”).
كما روى عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: (“لعن رسول الله الواشمة والمستوشمة والواصلة والموصولة وآكل الربا وموكله والمحلل والمحلل له”).
أقرأ المزيد: ما هي صيغة عقد الإيجار؟
حكم تحريم الربا في الإسلام
حرم الله تعالى الربا وذلك لأضراره الجسيمة سواء في المجتمع والاقتصاد أو حتى في الإنتاج وذلك يكون كالتالي:
- التأثير على المجتمع حيث أن فيه ظلم للمقترض لأنه سيدفع أكثر من المبلغ المقرض مما يكون العداوة في المجتمع وقد حرم أيضا كي لا تكون العلاقات بين الناس مادية فقط، كذلك الربا يمحو معنى القرض الحسن الذي يزيد من المحبة والترابط في المجتمع ويعزز روح التعاون.
- الإضرار بالإنتاجية في حالة قام التاجر بأخذ قرضًا فإنه يضطر إلى رفع سعر السلعة ليعوض الزيادة التي تترتب بسبب القرض الربوي مما ينتج عنه ضرر في المجتمع كله وبالتالي يقل الإنتاج لقلة الطلب الناتج عن ارتفاع الأسعار.
- الإضرار بالاقتصاد فالفقير يزداد فقر والغني تزداد ثروته حيث إن الاستثمار يقل لانحصار المال في أيدي المقرضين ويحصل التضخم الاقتصادي في الدولة النامية.
أحكام التعامل مع البنوك الربوية
وفي صدد حديثنا عن الربا وأحكامه الشرعية سوف نوضح أحكام التعامل مع البنوك الربوية والتي تكون من القضايا المهمة التي يتناولها الفقه الإسلامي اليوم، نظراً لانتشارها في الأنظمة المصرفية الحديثة، ويمكن عرض أهم أحكام التعامل مع البنوك الربوية على النحو التالي:
- إيداع الأموال بفوائد ربوية محرم شرعاً لأنه يدخل في باب أكل الربا الصريح سواء كانت الفائدة قليلة أو كثيرة.
- فتح الحساب الجاري بدون فائدة جائز في حالة الضرورة بشرط ألا يستفيد الشخص من أي فوائد أو أرباح محرمة.
- اقتراض الأموال بفائدة محرمة شرعاً إلا في حالات الضرورة القصوى وبالقدر الذي يندفع فيه الضرر مع وجود نية التخلص منه عند أول فرصة.
- العمل في البنوك الربوية لا يجوز في الأقسام التي تتعامل مباشرة بالفوائد بينما يجوز العمل في الأقسام الإدارية أو التقنية في حال كانت منفصلة عن الربا.
- يستحب للمسلم البحث عن بدائل مصرفية إسلامية مثل البنوك التي تعتمد على المرابحة والمضاربة والتأجير التمويلي والتي تلتزم بضوابط الشريعة الإسلامية.
أقسام الربا في الاسلام
عندما نتحدث عن الربا وأحكامه الشرعية نجد انه وفقا للتشريعات الإسلامية فقد تم تقسيمه من قبل جمهور العلماء إلى نوعين، هما:
ربا الفضل
يقصد بربا الفضل هو ذلك النوع الذي يقصد به زيادة عين المال والتي تم ورودها ضمن شروط عقد البيع وتزيد عن المعيار الشرعي المنصوص عليه، ويذكر أنه عبارة عن الوزن والكيل بأكثر من القسط.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم هذا النوع من الربا والذي يكون في ستة أشياء هي الذهب والفضة والشعير والبر والملح والتمر وأوضح الرسول صلى الله عليه وسلم أن المقايضة بأي من هذه الأشياء يكون بالمثل دون زيادة، وفي حال طلب المقايض زيادة عليها فهذا يسمى ربا الفضل وهو حرام شرعا.
وقد أجمع جمهور العلماء على أن القيام بالمعاملات على هذا النحو محرم شرعا وأن المال الذي يعود منه لا يندرج تحت الإباحة، اما فيما سوى هذه الأعيان فقد اختلف العلماء على كونها ربا فضل من عدمه، وقد قيل أنه لا يسري على غيرها الذي يندرج تحت نص الآية القرآنية “وأحل الله البيع”.
ربا النسيئة
هذا النوع من الربا الذي ورد في ذكر باب الربا وأحكامه الشرعية يعرف من أيام الجاهلية ويقصد به الزيادة المشروطة في مبلغ الدين والتي يضعها الدائن بمبلغ معين يحصل عليه فوق أصل المبلغ من الشخص المدين نظير أن يقرضه مبلغ لمدة معينة، على أن يأخذ عن كل شهر من شهور تأجيل الدفع مبلغ من المال نظير الانتظار.
في حال ان موعد انقضاء الدين قد حل ولم يستطع المدين سداد المبلغ المستحق عليه يقوم الدائن بوضع فوائد أخرى بمبلغ اعلى حتى يقبل أن يمد اجل السداد، وهذا هو نوع الربا الشائع والغالب تطبيقه في معظم المصارف البنكية في الوقت الحالي، ولهذا فإن قروض البنوك تكون محرمة قولا واحدا استنادا لها الحكم الشرعي، وقد أجمع جمهور العلماء على تحريم ربا المسيئة ، وإنما يكون الخلاف بين العلماء في ربا الفضل فقط والذي ورد فيه أقاويل عدة.
كيف يتجنب المسلم الوقوع في الربا؟
يحرص المسلم الواعي على الابتعاد عن كل ما حرمه الله وعلى رأس ذلك الربا الذي ورد فيه وعيد شديد في القرآن الكريم والسنة، ولأن الربا وأحكامه الشرعية من الأمور التي تهم كل مسلم يسعى إلى كسب الحلال، فإن تجنب الوقوع فيه يتطلب معرفة دقيقة بمواطن الربا في التعاملات اليومية والبحث عن البدائل الشرعية المتاحة، وحتى تتجنب الربا يجب عليك اتباع الخطوات التالية:
- التحري قبل التعامل المالي سواء كان ذلك مع البنوك أو المؤسسات التمويلية وسؤال أهل العلم عن الحكم الشرعي.
- الابتعاد عن القروض التي تحمل فوائد والبحث عن التمويل الإسلامي القائم على المشاركة أو المرابحة أو التأجير التمويلي.
- الامتناع عن إيداع الأموال في حسابات تدر فوائد ثابتة لأنها تدخل في باب الربا المحرم.
- الاستفادة من البنوك الإسلامية التي تلتزم بالضوابط الشرعية وتقدم منتجات مالية متوافقة مع الشريعة.
- طلب الاستشارة من متخصصين في الفقه المالي الإسلامي قبل الدخول في أي معاملة مالية مشكوك فيها.
في ختام الربا وأحكامه الشرعية الربا المقطوع بحرمته هو الزيادة المشروطة التي يتقاضاها الدائن من مدينه نظير الأجل وأيضا الزيادة في الأموال الربوية الستة عندما يتم بيعها بجنسها متفاضلة أو مؤجلة لبعد حين، إن الرب والفائدة يعبران عن ثمن استخدام النقوم في الفكر الاقتصادي ولا فرق بينهما في القوانين الحالية.