فقه العبادات

فوائد تربية الأبناء على العبادة وطاعة الله

تساهم تربية الأبناء على العبادة في تعظيم السلوك القويم وهي إحدى الوسائل الضامنة لعملية الإصلاح الاجتماعي طويلة الأجل ويتطلب تنفيذها التدريجي اتباع مجموعة من الخطوات التي من شأنها تحبيب وترغيب الطفل بشكل عام في ممارسته حتى تصبح بمثابة الدافع الداخلي له في الأداء.

يتعلم الطفل مهاراته وحركاته في السن الصغير عن طريق التقليد ما يوجب على الأب والأم ضرورة اتباع أحسن الصفات جنبا إلى جنب مع انتقاء أفضل الوسائل التي يمكن من خلالها تحسين أسلوب التواصل مع الطفل وتهذيب سلوكه ضمن إطار عملية التربية.

تربية الأبناء على العبادة وطاعة الله

تربية الأبناء على العبادة
تربية الأبناء على العبادة

الثواب والعقاب هما أفضل الطرق والوسائل المستخدمة في التربية، لا يقتضي العقاب بالضرورة الإيذاء النفسي أو الجسدي، إنما يقتضي مخالفة الرغبات المتكررة المحببة للطفل بما يكفل جذب انتباهه لتأدية الفروض المطلوبة منه.

لا ينفصل مفهوم التربية بشكله العام عن مفاهيم العبادة والطاعة الإلهية، يهدف كلاهما إلى إخراج فرد سوي وسليم قادر على اتباع الأوامر الإلهية والضوابط الشرعية، والتمييز بين الحق والباطل مهما تعددت صوره وتغيرت أشكاله، كما لا يقتصر مفهوم التربية العام على سن محدد، حيث أن المدخلات الذهنية للطفل تبلغ حدها الأقصى في الأعمار الأولى من حياته.

 كيف يمكن تربية الأبناء على العبادة؟

يقترن السؤال في المقام الأول بطبيعة السائل ودرجة التزامه، على الأباء أو ولي الأمر ممارسة العبادة والاجتهاد فيها علنا وسرا وقرنها بمجموعة الصفات والممارسات الحميدة حتى يتسنى للطفل اتباع نفس الخطى وسلك نفس السلوك.

التواصل العاطفي الدافئ عن طريق الألفاظ وشرح المفاهيم بطريقة سهلة وبسيطة، وسيلة فعالة في دفع الأطفال على ممارسة العبادات، يشمل ذلك، شرح معنى العبادة وفضلها ومعنى الإلوهية، وما هو الثواب والعقاب وما هي الجنة والنار، كذلك استخدام المواد التعليمية من رسوم الأطفال وغيرها من المواد الفيلمية المصورة ذات الصلة بعملية العبادات في شرح الممارسات وفضلها يحفز بشكل كبير من استجابة الطفل تجاه الرغبة في الممارسة الالتزام.

الجبر والانفعال ونهج السلوك الغير رشيد في المعاملات بشكل عام ينعكس أثره سلبا على رغبة الطفل في ممارسة العبادات، وقد تتدهور الناتج وصولا إلى نفور الطفل من الممارسة واستجابته سلبا للسلوكيات الغير منضبطة.

هناك عدة نقاط عامة يمكن اتباعها لإضاءة ملامح طريق ترغيب الطفل في العبادة، وهي كالتالي:

  • تخصيص أوقات محددة في اليوم أداء شعائر العبادة.
  • التدرج في الممارسات.
  • استخدام الأدوات المحببة للأطفال من كتب وأجهزة إلكترونية ومواد فيلمية في شرح مفاهيم العبادة.
  • اصطحاب الأطفال إلى المراكز المخصصة بتعليم الأطفال العبادات، مثل دور تحفيظ القرآن.

أهمية تربية الأبناء على العبادة

تربية الأبناء على العبادة
تربية الأبناء على العبادة

رضا الله غاية المسلم، والجنه هي الجائزة التي وعد بها المتقون، من هذه المفاهيم يمكن بناء شخصية الطفل في إدراكه أن العبادة أمر يتصل في المقام الأول برضا الله سبحانه وتعالى عن العبد وأن الجنة مخصصة لمن يتبع هذا الطريق، وذلك في إطار متكامل مع الصفات الحميدة ظاهرا وباطنا، وبشكل عام تكمن أهمية تربية الطفل على الدين بمفهومه الأوسع والأشمل من العبادات، تحقيق ما يلي:

  • تربية نشئ صالح مستقيم الخلق.
  • تحسين الصفات الإيجابية للمجتمع.
  • تكوين أسرة سعيدة متكافلة ومترابطة.
  • مكافحة الظواهر السلبية المرتبطة بالحداثة والتقدم التكنولوجي وما نتج عنها من تفكك المفاهيم انهيار القيم والروابط.

يجب ربط القدرات والتكليف بالأعمار والحالة الذهنية للطفل وحالته النفسية، حيث تختلف نسب الاستجابة ببن الأطفال وفق هذه المتغيرات الثلاث، ويجب تذكر أن التكليف مرفوع عن الأطفال حتى بلوغ الحلم، ما يعني أنها عملية تأهيلية في المقام الأول ولا تستدعي التعسف.

العبادة في الإسلام 

تربية الأبناء على العبادة تستدعي بالضرورة فهم ما هي العبادة أصلا وما هي الأحكام المتصلة بها، العبادة لغة مصدرها الفعل الثلاثي “عبد”، وهو التهيئة أو الخضوع، ومدلول العبادة في نصوص الشرع هو معنى مخصوص لمدلولها اللغوي، فهي تجمع معاني الخضوع والذل والمحبة والتعظيم على نحو مخصوص بحيث تصرف للخالق على وفق ما شرع، وشأنها شأن الإيمان والتقوى والدين وسائر هذه الألفاظ الشريفة.

حقيقة العبادة هي استسلام القلب والجوارح حبا وخضوعا، إدراك لعظمة وكمال الخالق سبحانه وتعالى، بينما أركان العبادة هي المتطلبات التي لا تقوم بغيرها وتنتقض بانتقاض أحدها، ومنها:

  • التوحيد وإفراد الله بالعبادات.
  • مطابقة الشعائر كما ورد في الكتاب والسنة.
  • المحبة والرجاء.
  • تسليم الجوارح ومخالفة الشهوات.

والعبادات هي الصلاة والصوم والزكاة وتلاوة القرآن والصدقات وذكر الله، ويمكن تربية الأطفال على مناسك وشعائر هذه العبادات تدريجيا بحيث يصبح قادرا على أدائها بإتقان عن البلوغ.

تربية الأبناء على الصلاة

تربية الأبناء على العبادة تتضمن تعريفهم بطبيعة الصلاة مفهومها ودلالاتها وكيفية ممارستها، ويمكن تعويد الأطفال على الصلاة من خلال مطابقة أوقات الأذان يوميا مع حركات الصلاة، يساهم هذا الربط الزمني الذهني، في تعزيز استجابة الطفل تجاه شعائر الصلاة، بما يسمح له بممارستها تلقائيا مع مرور الوقت.

الصلاة هي الدعاء لذا، لا يجب فقط ممارسة الشعائر حركة وقولا، من خلال تلاوة السور والأداء، إنما يجب إدراج الأدعية ضمن شعائر الصلاة، إعداد قائمة مسبقة من الأدعية مع الطفل يساهم في تعزيز استجابة الطفل تجاه الرغبة في الصلاة، كما أن الدعاء بلغة يفهمها الطفل و بالأمور التي تثير اهتمامه يزيد من مستوى هذا التعزيز.

تربية الأبناء على الصوم

الصوم من أركان الإسلام الخمس وقد فرض على العاقل القادر البالغ الصحيح، فلا صيام لمن لم يبلغ الحلم ولا المريض ولا الحائض، وهو بمعناه الشرعي ترك الطعام والشراب والشهوات مما أحل الله من أذان الفجر وحتى أذان المغرب.

يستدعي تربية الأبناء على العبادة ومنها عبادة الصوم، التهيئة التدريجية للمفاهيم والممارسات الصحيحة المرتبطة بشعائر الصيام، يمكن ذلك من خلال:

  • تدريب الأطفال الصغار الأقل من ٦ سنوات على تقسيم فترات الصيام تدريجيا، والصيام حتى فترات الظهيرة ثم العصر ثم المغرب حتى يصبح قادر على صيام يوم كامل بشكل طبيعي.
  • مطابقة صيام أيام الإثنين والخميس قدر الإمكان مع مراعاة حجم النشاطات اليومية المرتبطة بهم وقدرتهم على أدائها.
  • استخدام المواد التعليمية المتاحة للتعريف بفضل وشروط وقواعد وأحكام الصيام، حسب مدارك الطفل وقدرة استيعابه، بما يؤهله إلى صيام صحيح عند البلوغ.

تابع المزيد: الزكاة في المال والأنواع

تدريب الأطفال على الزكاة والصدقات

تربية الأبناء على العبادة
تربية الأبناء على العبادة

الزكاة من أركان الإسلام وهي من العبادات المفروضة على المسلم ومخالفتها تقتضي إثم صاحبها، وقد حدد الله مواعيد ومقدار الزكاة ضمن شرائعه قدرا، من زاد عليه فله ثواب الزيادة ومن اكتفى به، فقد أدى الفريضة ولا إثم عليه، بينما الصدقات من العبادات الاجتهادية التي يتقرب بها العبد إلى الله ابتغاء مرضاته ولا حد لها في المقدار ولا يلزم أدائها توقيت.

تربية الأبناء على العبادة ومنها الزكاة والصدقات تستدعي في المقام الأول تنفيذ الآباء لهذه الفرائض أمام الطفل ونعرفه بمقدارها عند الله وما تحدثه من أثر وتكافل في المجتمع، كما يعد مشاركة الطفل في هذه الممارسة أمر محبب للترغيب الطفل في الممارسة.

تربية الأبناء على العبادة تستدعي التزام الآباء في المقام الأول بالممارسة الصحيحة لهذه العبادات وقرنها إزدواجا بالصفات الحميدة ظاهرا وباطنا وبالمشاعر الدافئة والمعاملة الحسنة بين أفراد الأسرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى