ما هي أحكام النية في العبادات؟
أحكام النية في العبادات تختلف من حيث حكم التلفظ بالنية وحكم الاعتماد على نوايا القلب، وقد وضح الدين الإسلامي أن النية شرط من شروط قبل العمل وعلى المسلم أن يلتزم بها وأن ينوي أي أمر هو مقبل عليه في الخير حتى يقبله الله سبحانه عز وجل.
أحكام النية في العبادات
تعتبر النية أساس قبول العمل عند الله عز وجل ولذلك يتساءل الكثير عن أحكام النية في العبادات حيث أن النية محلها القلب وعلى المسلم الذي أراد عبادة الله في صلاة وزكاة وصوم وحجّ وغيرها أن يستحضر النية بقلبه؛ حتى يقبل الله عبادتُه، والدليل على ذلك قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}.
وقد جاء تفسير الإمام القرطبي رحمه الله في قول الله عز وجل: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي: العبادة، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}، وجاء هذا كدليل صريح على وجوب النية في مختلف العبادات، حيث أن الإخلاص لله تعالى في العبادة من عمل القلب وهو الشيء الذي يرغب به الله عز وجل.
أقرأ المزيد:أنواع ومفهوم النية في العبادات
الدليل على وجوب النية من السنة النبوية
جاءت الكثير من الأدلة التي وضحت ضرورة التلفظ بالنية من الأحاديث الشريفة، بحيث أخرج الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه عن عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ،: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ).
وقد تساءل الكثير حول ضرورة التلفظ بالنية وحكمها في الدين الإسلامي بحيث تنوعت الأدلة فيما بين العلماء، ولكن معظم الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة وضحوا كون التلفظ بالنية مستحبّ؛ وذلك بهدف تذكير اللسان والقلب عن الغرض من فعل أمر معين فتكون النية عن استحضار حقيقي مخلص لوجه الله سبحانه وتعالى دون سواه، جاء في كتاب [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج] وهو من أشهر كتب الشافعية: قوله: والنية بالقلب بالإجماع، حيث أنه لا يكفي فقط النطق بها بجانب غفلة القلب عن هذا.
أقرأ المزيد: العقود في الإسلام
حكم التلفظ بالنية
ثبت في الكثير من الكتب الدينية للعلماء وكبار الدين استحباب التلفظ بالنية في العلن ولا يعتبر هذا نوع من أنواع الرياء لأن الله ينزر إلى قلب المسلم ويعرف مدى صدقه وإخلاصه وحبه لله عز وجل، ويمكن التلفظ بالنية في مختلف الأعمال منها الحج والدليل على ذلك من حديث أنس رضي الله عنه قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم (يُلَبِّي بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا)، قَالَ بَكْرٌ: فَحَدَّثْتُ بِذَلِكَ ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: «لَبَّى بِالْحَجِّ وَحْدَهُ» فَلَقِيتُ أَنَسًا فَحَدَّثْتُهُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ أَنَسٌ: مَا تَعُدُّونَنَا إِلَّا صِبْيَانًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (لَبَّيْكَ عُمْرَةً وَحَجًّا).
ولذلك وضح بعض العلماء كون التلفظ بالنية مستحب ليس في الحج فقط وإنما في جميع الأعمال الدينية مثل في الوضوء والصلاة والحجّ وغيرها، وقد جاءت الكثير من الأدلة على هذا أيضًا في الكتب الدينية والأحاديث الشريفة، وعلى المسلم أن يضع حد فيما بين التلفظ بالنية قبل الاقبال بالعمل الصالح فعليًا أو قولاً وبين الرياء أو التلفظ بالنية لأجل إرضاء الآخرين ونيل محبتهم، وعليه أن يعي كون الله مطلع على أعمالنا ويعرف ما تخفيه الأنفس.
تختلف أحكام النية في العبادات من حيث الحكم في التلفظ بها والحكم في الاكتفاء بالنية بالقلب، ولكن أجتمع العملاء وفقهاء الدين على ضرورة النية في الإسلام وكونها شرط من شروط قبول العمل عند الله عز وجل.