أحكام الأضحية وشروطها وسننها وحكمة مشروعيتها بالتفصيل
التفقه في أحكام الأضحية يساعد كثيراً في فهم كيفية تقديم تلك العبادة لله دون أي خطأ، ليتقبلها الله تبارك وتعالى من عبده ويبارك له فيها في مالك وولده، ويحتسبها له يوم القيامة أنه كان من المقتدين بسنة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، ورغم بساطة ووضوح تلك الأحكام إلا أن معظم الناس لا ينفذها بشكل صحيح، مما يجعلنا نرى التطبيقات الخاطئة، والممارسات المرعبة التي يصنعها الجزارون في الحيوانات يوم العيد، فهل يعقل أن تكون عبادة من العبادات بهذا المستوى من الوحشية، لقد علمنا الدين الإسلامي الرحمة والتسامح بين البشر، فكيف يمكن أن يكون هذا هو سلوكنا مع مخلوقات الله، ولذلك من المهم دراسة ونشر أحكام الأضاحي بين الناس.
أحكام الأضحية
للتعرف على أحكام الأضحية علينا أولا تعريفها، والأضحية هي: ما يذبحه المسلم من إبل أو بقر أو غنم، في يوم النحر بعد صلاة العيد، في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، أو في أيام التشريق الثلاثة، بنية التقرب من الله تبارك وتعالى، واقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم المؤكدة عنه، وقد اتفق على مشروعيتها جميع علماء المسلمين من السلف والخلف.
وقد دل عليها قول الله تبارك وتعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر – 2] حيث أمر الله تبارك وتعالى نبيه أن يذبح الأضحية كنوع من الشكر لله على أنه وهب النبي الكريم عليه الصلاة والسلام حوض الكوثر، وهي أيضاً اقتداء بسنة الذبح التي وردت عن سيدنا إبراهيم عندما أمره الله أن يذبح ولده ففداه الله بكبش من الجنة.
حكم الأضحية
من أهم أحكام الأضحية هي حكمها والحكمة من مشروعيتها، وقد اتفق جمهور الفقهاء على أن الأضحية سنة مؤكدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأنها غير واجبة، لكن لا يجوز تركها للقادر عليها.
لأنها سنة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وفيها نوع من الترابط بين الحاج في الحرم الشريف وبين غير الحاج في كل بقاع الأرض، حيث يذبح الحاج الهدي في بيت الله الحرام، ويذبح غيره الأضحية في بيته تقرباً لوجه الله تبارك وتعالى.
أقرأ المزيد: ما هي أحكام الهبة والوصية
شروط الأضحية
من أهم أحكام الأضحية هي الشروط التي يجب أن تتوفر في الأضحية لكي تكون صالحة للذبح والأكل يوم العيد، حيث تعتبر الأضحية عملاً صالحاً يتقرب به العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، ولذلك فمن المهم أن تكون تلك الأضحية بالمواصفات التالية:
لا يذبح إلا من بهائم الأنعام
أن تكون من صنف البهائم والأنعام، فإما أن تكون بقراً أو إبلاً أو غنماً، ولا يجوز غير ذلك، دل على ذلك قول الله تبارك وتعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} [الحج – 34].
أن تكون ثنياً
أن تكون قد بلغت سن الذبح وهذه من أهم أحكام الأضحية التي بنه عليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (لا تذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعسُرَ عليكم فتذبَحوا جَذَعةً مِن الضَّأْنِ) [رواه أبو داود].
أي أن تكون الذبيحة ثنياً وهو في الغنم التي بلغت عامها الأول ودخلت في الثاني، وفي البقر تي تمت عامها الثاني ودخلت في الثالث، وفي الإبل التي تمت عامها الخامس ودخلت السادس، إلا الضأن قد أذن النبي أن يذبح وهو جذع أي وعمره ثمانية أشهر.
خلوها من العيوب
لأن الأضحية سوف تكون قربة لله تبارك وتعالى، فيجب إذا أن تكون سليمة وفي أفضل حالاتها، وقد علمنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن العيوب التي تمنع الذبح في الحديث الشريف: (أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي العوراءُ البيِّنُ عَوَرُها والمريضةُ البيِّنُ مرَضُها والعرجاءُ البيِّنُ ظَلَعُها والكسيرةُ التي لا تُنقِي) [رواه بن الملقن].
وهذه العيوب هي العور التي يظهر عورها بشكل واضح، والمريضة التي ظهرت عليها آثار المرض، والعرجاء والكسيرة الواضحة إعاقتها، فلا تجوز إلا السليمة المعافاة تماماً من أي مشكلة أو داء، وتوجد بعض العيوب المكروهة كمسكورة القرن أو مقطوعة الأذن أو الذنب، وهي لا تمنع الذبح لكنها لا يفضل أن تكون فيها تلك العيوب.
الذبح على الوقت
يجب على المسلم أن يلتزم بالذبح في الوقت الذي أمرنا به الله تبارك وتعالى أن نذبح فيه، وسنه لنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قال: (خَطَبَنَا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ النَّحْرِ، قَالَ: إنَّ أوَّلَ ما نَبْدَأُ به في يَومِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ، فَنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ ذلكَ فقَدْ أصابَ سُنَّتَنَا، ومَن ذَبَحَ قَبْلَ أنْ يُصَلِّيَ فإنَّما هو لَحْمٌ عَجَّلَهُ لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ) [رواه البخاري].
وهذا الوقت هو بعد الفراغ من صلاة العيد حتى غروب شمس آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وهذا وفقا للتطبيق الصحيح لأحكام الأضحية، فما كان قبل ذلك فلا يحسب على أنه أضحية.
أحكام ذبح الأضحية
كما توجد أحكام الأضحية توجد أيضاً أحكام يجب أن يلتزم بها المضحي أثناء الذبح، حيث لا يعني الذبح تعذيب الحيوان أو ترويعه، فإنها في النهاية عبادة يقصد بها التقرب إلى الله جل وعلى، فكيف تكون عبادة ويعذب فيها الحيوان، ومن أهم أحكام الذبح التالي:
- يندب للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه، ولكن له أيضاً أن ينيب عنه غيره في الذبح.
- يجب عليه أن يلتزم بآداب الذبح التي أمر بها النبي لإراحة الأضحية قبل ذبحها.
- فيجب عليه أن يسمي الله عليها، ويوجهها ناحية القبلة، وأن يذبحها وهي ممدة على جانبها الأيسر، وإن كانت من الإبل فتذبح واقفة مع ربط يدها اليسرى.
- ويجوز أن يضحي الرجل عن نفسه أو عن أهل بيته، وله أن يأكل من أضحيته أو أن يتصدق منها أو أن يهادي بها غيره.
- ولكن يحرم عليه بيع شيء من الأضحية، لأنها كلها تحتسب صدقة، ولا يأخذ الجزار منها شيء كأجرة بل يأخذ أجرته مالاً.
أقرأ المزيد: ما هي العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح؟
سنن الأضحية
السنة هي فعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يوجبه على أمته، وهي تدخل في أحكام الأضحية
على سبيل الندب والاستحباب ومن سنن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام في الأضحية الآتي:
- أن يقول المضحي بسم الله والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم تقبل مني أو من فلان.
- ويجب أن يحد شفرة الذبح ويصقلها جيداً، لكي لا يشعر بها الحيوان أثناء الذبح.
- ويستحب ألا يأخذ المضحي من شعره أو أظافره طوال الأيام العشر الأولى من ذي الحجة، حتى يذبح أضحيته.
آخر أحكام الأضحية الواردة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أنه يستحب للمضحي أن يقسم أضحيته إلى ثلاثة أقسام، الأول لأهل بيته ليدخل عليهم السرور والشبع أيام العيد، والثاني لأقاربه وأحبابه ليزيد صلته بهم ولأن الأقربين أولى بالمعروف، والثالث للفقراء والمساكين، لسد حاجتهم من الطعام في تلك الأيام، وهم يرون اللحم يوزع أمامهم في كل مكان ولا يقدرون على شراءه ويتعففون من طلبه، وبهذا يكون قد التزم بالسنة المشرفة تمام الالتزام.