إن العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح علاقة مرتبطة ببعضها البعض، حيث أن الإنسان كلما زاد إيمانه برب العالمين كلما حسن من نفسه وزاد تعلقه به من خلال العمل الصالح الذي سينتفع به في الدنيا والآخرة، وقد جاءت العديد من الأحاديث والآيات القرانية التي وضحت أهمية العمل الصالح وفضله والمكاسب التي سيحصل عليها العبد، ولكن هذه العلاقة لا تكتمل إلا ببعض المعايير والعوامل الأساسية وفي هذا المقال سوف نستعرض ذلك بالتفصيل.
العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح
إن العلاقة التي تربط بين الإيمان والعمل الصالح لها جناحان لا تكتمل إلا بهما، وهما: أعمال القلوب، وأعمال الجوارح بحيث إن كان الإيمان محله القلب فإن العمل الصالح سوف يكون محله الجوارح تلقائيًا.
ولكي يُثمر العمل الصالح ويزيد من تعلق العبد بربه ينبغي أن ينطلق من حالة إيمانية، إذ يجب إخلاص النية لله عز وجل دون غيره أو من دون العلن حتى لا يعتبر رياء واحتساب الأجر عن الله عز وجل.
الاهتمام بأعمال القلوب من دون العمل الصالح سوف يكون محدود مثل حب الله والإخلاص له والخوف منه ولكن من دون تقديم ما يدل على ذلك، والعكس صحيح في حال اهتم الإنسان بالعمل الصالح من دون أعمال القلوب سيكون الأجر ناقص وبالتالي لابد من الأمرين معًا: عمل القلب وعمل الجوارح.
اقرأ أيضًا: أنواع ومفهوم النية في العبادات
أمثلة على الإيمان وأعمال القلوب
بعد توضيح كافة التفاصيل التي تخص العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح فيما يلي يمكن التعرف على أبرز الأمثلة فيما يتعلق بأعمال القلوب حيث:
التوحيد
بحيث يقوم العبد بجعل شريعة الله تعالى وأحكامه ومبادئه هي غايته وسبب عيشه في الدنيا وهي التي تحكم حياته وشؤونه في جميع مجالات الحياة حتى يرضى بها الله ومن ثم ينفذها في حياته بشكل عام ويسلِّم أمره لله تعالى، كما ينبغي أن يسأل الله تعالى الصبر والعزيمة في الدنيا على أن يكون متعلق به دومًا لتحقيق العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح.
التوكل
بحيث يفوض المؤمن أمره لله عز وجل وحدة ويقطع كل شيء آخر يجعله يفكر في غير الله أو يتمسك به مثل المال والبنون وغيرها، كما يجب أن يأخذ بالسعي ويترك النتيجة على الله تعالى ويرضى بها حتى وإن كانت غير متوافقة مع أحلامه أو متوقع حدوثه.
اقرأ أيضًا: دور السنة النبوية في تحديد شروط العبادات
حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح مرتبطة بحب الله عز وجل وتطبيق شريعة الرسول عليه الصلاة والسلام حيث أن المحبَّةُ أمر طبيعي من أعمال القلوب التي يؤجر عليه الإنسان لكونها لها علاقة بتنفيذ أحكام وشريعة الدين.
الإخلاص
فالإخلاص هو حقيقة الدين والذي يحدد مدى صدق العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح كما أنه يفرِّق بين الإيمان والشرك وفيما بين المؤمن الحقيقي من الآخر وهو سبب قبول الأعمال أو عدم قبولها عند الله عز وجل لأنه مطلع على النيات، لذلك ينبغي أن تكون علاقة الإنسان بربه علاقة مربوطة وصادقة.
التسليم
يقول الله تعالى (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) والتسليم هو كل ما يخطر ولا يخطر على البال فيحب على المؤمن أن يفوض أمره إلى لله تعالى في الخير ولشر وان لا يتوقع إلا لأفضل لأن الله عند حسن ظن عبده به فإن أراد خيرًا لأخذها، ولهذا يقول عمر رضي الله عنه: [فأعتقت وتصدقت لذلك]، وحتى يتم تحديد العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح فيما يخص التسليم هو كلما كان المؤمن متوكل أو مسلم لله عز وجل كلما زاد عمله الصالح.
الإنابة
قال تعالى: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ) والإنابة هي القرب وجاءت بمعنى الإخبات، بحيث ينبغي أن يعود الإنسان ويرجع إلى الله خالصاً له وان يترك كل ما قد يغضب لله تعالى وكل الأعمال السيئة ومغريات الحياه حتى يحقق العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح بالشكل المناسب.
الخشية
الخشية أمرها عظيم للغاية وهي الدافع الذي يحرك الإنسان إلى عبادة الله أكثر وبالطريقة المناسبة وان يكون مخلص له دون سواه وقد مدح الله وأثنى على الذين يخشونه في كتابه الكريم حيث قال: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ).
الخشوع
العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح مرتبطة بالخشوع الذي يختلف عن الخشية حيث أن الآخر قد وضحه لله سبحانه وتعالى في كتابة الكريم بحيث قال تعالى: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ) فأعمال القلب تتقارب فيما بينها والخشوع يجلب الإيمان بالله أكثر مثلها مثل الوجل، والخوف، والخشية، والخشوع والتي يقابلها الرجاء والمحبة الخلصة لله عز وجل وأيضًا الرضا والفرح.
التوكل
إن أعمال القلوب كثيرة والتي بدورها قد تحدد العلاقة الرابطة بين الإيمان والعمل الصالح ويمكن توضيح أن لك ما قد تم ذكره في كتاب الله عز وجل هو من أعمال القلوب والتي يجب على المؤمن أن يتحلى بها حتى ينال الجنة ونعيمها، التوكل من أعظم أعمال القلب لأنه يدخل في الاستعانة بالله عز وجل وترك جميع أمور الدنيا في يده يتحكم بها كما يشاء، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ذكر التوكل في كتابه لكريم بأكثر من طريقة حيث أنه قال سبحانه وتعالى (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) كما أنه قال (قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا).
اقرأ أيضًا: أحكام الصلاة الجماعية
ما دافع المسلم للقيام بالعمل الصالح
العلاقة الرابطة بين الإيمان والعمل الصالح تدفع المؤمن كثر للقيام بالأعمال الصالحة التي يحبها الله ويرضاه، فيما يلي يمكن التعرف على الدوافع:
ذكر الجنة والنار
الجنة والنار هي نصيب الإنسان يقول الله : “|تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ، وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ” والجنة التي يسعى لها الإنسان الذي يعمل الأعمال الصالحة والنار للانسن الذين يمنع أو لم يقم بالعمل الصالح.
حب الله تعالى
من الدلائل على الأعمال الصالحة هو حب الله تعالى لعبادة ورضاه عنهم والتي تؤدي إلى زيادة الخير والرزق في الدنيا، أيضًا من علامات الحب إن يندفع إلى طاعة الله ويجزى الجنة.
التلذذ بـ الطاعة
العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح تأتي بنتائج عديدة منها التلذذ بالطاعة في عبادة الله عز وجل وبالتالي الفوز بالجنة في الآخرة، وحتى يتلذذ العبد بالطاعة ينبغي أن يكون مخلص لله تعالى في العبادة وأن يحاسب الإنسان نفسه أن كانت النفس مقصرة فيسعى في التحسين من حاله إلى الأفضل حتى يرضى الله عز وجل.
العلاقة بين الإيمان والعمل الصالح علاقة مرتبطة فيما بين بعضهم البعض بحيث كلما فهم العبد أعمال القلوب وطبيعتها ومدى تأثيرها على الإنسان والأعمال الصالحة كلما اقترب من الله عز وجل وحصل على مراده وتوفيقه في الدنيا ونيل الجنة بالآخرة، ولكن ينبغي على الإنسان أن يخلص نيته لله عز وجل عند عبادته لأن الله تعالى يأخذ بالنية.