فقه المعاملات

أحكام الوصية في الفقه الإسلامي

الوصية في الفقه الإسلامي

الوصية في الفقه الإسلامي هي واحدة من أحكام كثيرة نظمها لنا الدين حتى نستطيع التعامل وفقًا لضوابط وشروط معينة لا تخرج عن إطار الحلال وهي تختص بتوزيع التركة على الورثة بعد وفاة الشخص، وقد حدد الإسلام كيف تكون الوصية وما هو مقدارها، كما حدد الشروط التي يجب أن تتوفر حتى تكون وصية الميت نافذة، وعلى كل مسلم أن يعلم عن هذه الأحكام حتى يستطيع أن يعرف حدودها الشرعية ومدى إمكانية ترتيب أموره المالية دون الخروج عن هذا الإطار ما يجعله يقع في الوزر بجهله.

الوصية في الفقه الإسلامي

وفقا لأحكام الوصية في الدين الإسلامي فهي تتيح للشخص أن يقوم بتخصيص جزء من أملاكه سواء الأصول العينية أو الأموال لصالح شخص آخر ويتم توزيعها بالكيفية التي جاءت في هذه الوصية شرط ان تكون مطابقة للشريعة ولا تخرج عن الإطار الذي حدده لنا الدين.

وتعتبر الوصية إجراء قانوني إلزامي واجب التنفيذ بعد استيفاء الشروط ويجب على الورثة تنفيذها وإعطاء الأشخاص الموصى لهم حقوقهم من التركة بعد وفاة الشخص مما يحقق العدالة والتوازن المجتمعي الذي يهدف إلى توزيع الثروة بين المستحقين والورثة بالشكل الذي لا يسبب ضرر لأي من الطرفين.

الوصية في الفقه الإسلامي
الوصية في الفقه الإسلامي

اقرأ أيضًا: منهجية الاجتهاد في فقه الأسرة بين التيسير والتشدد

مدى مشروعية الوصية في الإسلام

الوصية في الفقه الإسلامي جاءت في القرآن والسنة حيث وردت الآية القرآنية التي تقر بأحقية الشخص في عمل الوصية،وقد ورد ذلك في عدة آيات منها “من بعد وصية يوصى بها أو دين…”.

كما جاء في السنة العديد من الأحاديث التي أقرت مشروعية الوصية والتي تؤكد على مدى أهمية تنفيذها مثل:

روى ابن ماجة عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: “من مات على وصية مات على سبيل وسنة، ومات على تقى وشهادة، ومات مغفوراً له.

أحكام الوصية وفقا للشرع

هناك بعض الأحكام التي يجب أن تتوفر عند تطبيق الوصية في الفقه الإسلامي والتي تتمثل فيما يلي:

أركان الوصية

يجب أن تكتمل أركان الوصية بالكامل حتى يمكن أن يطلق عليها هذا الاسم وأن تكون واجبة النفاذ،وأركانها هي الإيجاب من جانب الشخص الوصي  والقبول من طرف الموصى له، والوصية ذاتها التي يجب أن توافق أحكام الشريعة الإسلامية ولا تخرج عنها وهي أن تكون في حدود الثلث فقط من التركة ولا تجوز الوصية بأكثر من ذلك وإلا اعتبرت باطلة، بالإضافة إلى الركن الأخير وهو وجوب أن تكون واضحة لا تحتمل أكثر من معنى وأن تكون محددة حتى يمكن تنفيذها بالشكل الصحيح.

الوصية الواجبة

نوع من الوصية في الإسلام يمكن الأخذ بها في بعض الحالات والتي تكتب بغرض قضاء ديون معينة على الشخص الموصي أو المتوفى، وهنا تكون واجبة النفاذ.

كما تكون الوصية الواجبة أيضا لبعض الأشخاص من الأقارب وهم من ضمن الورثة ولكنهم يكونوا من المحتاجين،ويكون الهدف منها هنا تحقيق العدالة في التوزيع وعدم حدوث أي ضرر لبعض الورثة.

واجبة النفاذ

من أهم أحكام الوصية في الفقه الإسلامي أن تكون واجبة النفاذ بالدقة التي جاءت بها بنودها دون الإخلال بأي منها مهما كان طالما أنها داخل إطار الشرع ولم تخرج عنه،ولكن يجب أن يكون تنفيذ الوصية بعد سداد كافة الديون المتعلقة بالموصي المتوفى وأن يتم تنفيذ كافة الحقوق المستحقة الأخرى قبل توزيع التركة على الورثة وتنفيذ أحكام الوصية.

الوصية في الفقه الإسلامي
الوصية في الفقه الإسلامي

اقرأ أيضًا: فضل صلة الرحم في الاسلام وعقوبة قاطعها 

المستحقين للوصية في الإسلام

وفقا لأحكام الوصية في الفقه الإسلامي فإن هناك بعض الأشخاص يكونوا مستحقين للوصية التي يكتبها الموصي، وهم:

الزوج والزوجة

يحق لرجل أن يوصي لزوجته والعكس بأن يقوم أحدهما بتخصيص مبلغ مالي أو أصل عيني إضافة إلى حقه الشرعي في الميراث وذلك إذا كان هناك بعض النواحي المالية التي لم يتم تغطيتها ضمن قيمة الميراث الفعلي.

الأقارب من غير الورثة

يحق للموصي أن يخصص جزء من تركته بعد وفاته لأحد أو بعض الأقارب الذين لا يدخلون ضمن نطاق الورثة الشرعيين والذين يرى استحقاقهم لذلك لأي أسباب وقد يكون هؤلاء من الأعمام أو الأخوال أو من الخالات والعمات على ألا تتعدى قيمة الوصية المكتوبة مبلغ الثلث من إجمالي التركة وذلك حتى تكون صحيحة.

الأرامل والأيتام

يحق للشخص الموصي أن يقوم بتخصيص جزء من التركة للأشخاص من الأيتام والأرامل حتى وإن كانوا من غير ذوي القربى وذلك إذا ارتأى أنهم بحاجة ماسة إلى هذه الأموال.

المؤسسات الخيرية

يجوز للموصي ضمن أحكام الوصية في الفقه الإسلامي أن يقوم بتخصيص جزء من ثروته بعد الوفاة للجمعيات الخيرية والمستشفيات والجهات العامة التي تقوم بأعمال خير مثل المساجد والمدارس والمستشفيات وغيرها على أن يكون أيضا ضمن الحدود المقررة من التركة.

وصية الدين

قد يكون هذا الشخص مديون لآخرين ولم يسعه الوقت لأن يقوم بالسداد لأي ظروف، ويحق له في هذه الحالة أن يقوم بكتابة الوصية بسداد قيمة الدين المستحق عليه  قبل توزيع مبلغ التركة ويجب تنفيذ هذه الوصية أيا كان مبلغ الدين ثم توزيع باقي المبلغ للورثة المستحقين، سواء كانت هذه الديون شخصية أو كانت متعلقة بأي من الأعمال الخيرية التي يقوم بها الموصي.

شروط صحة الوصية بالنسبة للموصي

هناك بعض الشروط التي يجب أن يستوفيها الشخص الموصي حتى تكون الوصية في الفقه الإسلامي بالنسبة له صحيحة وشرعية وبالتالي تكون واجبة النفاذ، وهذه الشروط تتمثل فيما يلي:

  • أن يكون الشخص بالغ سن الرشد وعاقل حتى يمكنه كتابة الوصية، لأن الوصية لا تقبل ولا تصح من الشخص الغير رشيد أو الذي لا يمتلك العقل السليم للقيام بذلك.
  • لا يجب أن تكون الوصية تحت ضغط من أي نوع وألا يكون الشخص قد تعرض للإكراه ما اضطره إلى كتابتها من أي جهة أو من أي شخص، وبالتالي إذا ثبت ذلك تعد باطلة ولا يجب تنفيذها، وعليه فإن من أهم شروط صحة الوصية وجود الإرادة الحرة.
  • أن يكون الشخص أيضا كامل الأهلية حتى يستطيع أن يصدر وصية صحيحة بمعنى أن يكون لديه القدرة على القيام بكل التصرفات بكامل الصحة والعقل ولديه الصحة الكاملة التي لا تمنعه عن اتخاذ أي قرارات بحرية كاملة دون قصور في الوعي والإدراك.
الوصية في الفقه الإسلامي
الوصية في الفقه الإسلامي

اقرأ أيضًا: أهم حقوق الطفل في الإسلام

شروط صحة الوصية للموصى له

كما أن للموصي شروط حتى يمكنه عمل الوصية فإن هناك بعض الشروط أيضا التي يجب أن تنطبق على الشخص الموصى له فيما يتعلق بأحكام الوصية في الفقه الإسلامي، وهي كما يلي:

  • من أول الشروط الواجبة أن يكون الشخص أو المؤسسة التي يتم كتابه الوصية لصالحها موجود أو سوف يكون موجود في المستقبل، فلا يمكن كتابة الوصية لشخصية وهمية، فمثلا يكون جنين سوف يتم ولادته، أو تكون شركة أو مؤسسة تحت البناء وما إلى ذلك.
  • أن يتحقق شرط المشروعية في الوصية بمعنى أن يكون الشخص المطلوب كتابة الوصية لصالحه ممن يستحقون ذلك أو لهم الحق الشرعي في الاستفادة من تركة المتوفى كما ورد بأحكام الشريعة الإسلامية،وبالتالي فلا تجوز الوصية ولا تجب للأشخاص الممنوعين من الاستحقاق.
  • القبول أيضا من الشروط الأساسية لصحة نفاذها بمعنى أن يكون الشخص المستحق قد قبل ما فيها ولا يجوز لأي شخص أو هيئة أن تجبره على قبولها أيا كانت الأسباب.

الوصية في الفقه الإسلامي تعتبر وسيلة شرعية لضمان استمرار الخير بعد الوفاة، وهي أيضًا عمل إنساني نبيل يعكس إيمان المسلم وحرصه على مصالح الآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى