فقه المعاملات

ما هي أحكام الغرر والجهالة؟ وما الفرق بينهما؟

تعتبر أحكام الغرر والجهالة من أهم الأحكام التي يستعين بها الإنسان في معاملاته المالية عند كتابة العقود، وبما أن الدين الإسلامي هو دين الحق والعدل فقد جاءت الشريعة الإسلامية بوضع مجموعة من الأحكام الشرعية لحماية الحقوق وعدم الزيف بها في حالات البيع والشراء، وإذا حدث غرر أو جهالة في العقد قد يترتب على ذلك بطلانه على الفور، ومن هنا جاءت الشريعة لبيان هذه الأحكام لتنير بصيرة المتعاقدين عن خداع وزيف العقود، وأكل مال الغير بدون وجه حق.

أحكام الغرر والجهالة

أحكام الغرر والجهالة

الغرر والجهالة من مسببات بطلان العقد وفساد صحته لما يشوبه من خداع وغش من أحد المتعاقدين للمتعاقد الآخر، فقد يترتب عليه نزاع كبير وظلم بين الطرفين، إلى أن جاءت أحكام الغرر والجهالة لتضع حدًا لذلك، فيما يلي سنتحدث بالتفصيل على كل من الغرر والجهالة على حدة:

أولًا: حكم الغرر في الشريعة الإسلامية

في أحكام الغرر والجهالة نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وبيع الغرر، وعن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تشتروا السمك في الماء فهو غرر” لجهالة محل العقد وأنه غير مملوك للبائع، حيث أتفق العلماء على أن بيع الغرر غير صحيح، بالإضافة إلى اتفاق الأئمة الأربعة بيع الغرر باطل ومحرم، يترتب عليه بطلان العقد وفسخه، وذلك لأن البيع يدخل فيه الخداع والمكر من قبل أحد المتعاقدين، وهذا الشيء محرم في الدين الإسلامي وهو أكل أموال الناس بالباطل، مثل بيع اللؤلؤ في الصدف والحمل في البطن وبيع ماء الغير بمعنى بيع البائع الشيء ليس له ولا يملكه فلا يعرف المشتري أن كان هذا الشيء المبيع ملكًا للبائع أم لا.

علاوة على ذلك يوجد بيوع يظن الناس أنها غرر وهي ليست كذلك مثل بيع كل ما له جزور أي لا يظهر منه إلا الورق مثل اللفت والجزر والبصل، وأجمع المالكية والحنابلة بصحة عقد البيع، على خلاف الشافعية والحنفية فقد اشترطوا لكي تتم صحة البيع يجب أن ينزع الثمار عن جذوره، كما أباح أحد الخبراء البيع استدلال بصحة أوراق الثمار تدل على صحة ما دفن تحت الأرض.

بالإضافة إلى غموض الشيء المبيع الذي لا يؤثر على صحة العقد، على سبيل المثال شراء البطيخ وسنابل القمح والرمان والأرز كل هذه الأشياء ظاهرها مجرد قشر لا تعرف ما بداخلها موجود وسليم أو غير ذلك تباين في آراء الأئمة، الحنفية أجازوا بيع الغرر اليسير، أما المالكية والحنابلة أجازوا مطلقا الغرر اليسير في الشيء المبيع الذي يعد ضرورة كما في الأمثلة السابقة، أما الشافعية أجازوا بيع الأشياء في قشرها.

تعريف الغرر

بعد الحديث عن أحكام الغرر والجهالة سنعرف الغرر في اللغة أي الخطر أو الخداع وأصلها الشيء بظاهره طيب ومن داخله مكروه؛ الغرر اصطلاحا بمعنى أن الغرر هو مستور العاقبة أي لا تعرف النتائج المترتبة على هذا الشيء إن كانت خير أم شر، قد يحصل الشيء أم لا يحصل، وفي بيع الغرر هو البيع الذي يتواجد به خداع أو خطر لأحد المتعاقدين فيترتب على ذلك فقدان ماله، فالمشتري لا يعرف حقيقة المبيع فالخطر أو الخداع هنا قد يتحقق أو لا يتحقق، وما إذا كان هذا الخطر قليل أم كثير.

على سبيل المثال غرر في البيع يبطل العقد كبيع السمك في الماء قبل اصطياده، فأنت لا تعرف هل سيتمكن البائع من اصطياده أم لا، لا تعرف شكل السمك أو حجمه.

أقسام الغرر

  • الغرر القليل وهو غرر يغتفر جاز العمل به، فاستقرت الشريعة الإسلامية على أن كل ما يحتاج إلى بيعه في مصلحة وبه غرر فإنه يجوز بيعه، ولهذا السبب فقد أذن رسول الله بيع العقار الذي به أساس الجدار مغيب، وكذلك قطن الجبة.
  • كذلك الغرر الكثير وهو غرر لا يغتفر، يؤدي إلى بطلان العقد وعدم صحته، بيع الطير في الهواء لاستحالة الإمساك به.
  • الغرر المتوسط فقد اختلف فيه العلماء، فيكون الغرر إذا ارتفع عن اليسير لحق بالكثير، وإذا نزل عن الكثير لحق باليسير.

ثانيًا: حكم الجهالة في الشريعة الإسلامية

أحكام الغرر والجهالة

وأيضًا في أحكام الغرر والجهالة تعتبر الجهالة من العقود الجاهلية المحرم في التعامل فيه لما يوجد به شوائب تؤثر على إرادة المتعاقدين، فيجب أن يكون المتعاقدين على علم بالشيء المبيع من صفات ومقدار وثمن، عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال: “من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم إلى أجل معلوم” أخرجه البخاري ومسلم.

تعريف الجهالة

الجهالة في اللغة تعني الجهل بالشيء، أي أن تفعل الفعل بغير علم، والجهالة بالبيع يكون الشيء المبيع معلوم ومعروف ولكن مجهول في صفاته أو وزنه أو ثمنه، أي أن الجهل ينصب على المعلومات الأساسية للشيء المبيع، على سبيل المثال شراء سيارة دون العلم بمواصفاتها وإمكانياتها أو لونها.

أقسام الجهالة

  • جهالة فاحشة والتي تبطل التعاقد بين المتعاقدين وتفسد صحة العقد مثل جنين الحيوان في بطن أمه.
  • كذلك جهالة يسيرة قد يتسامح فيها المتعاقدين ولا تؤدي إلى بطلان التعاقد، على سبيل المثال إجازة تأجير منزل لمدة شهر والمستأجر لا يعرف إن كان الشهر ٣٠ يوم أو أقل.
  • جهالة متوسطة بين الرتبتين وهي جهالة بين الفاحشة واليسيرة، وقد اختلف فيها العلماء فإذا مالت للفاحشة فهي باطلة وإن مالت لليسيرة فهي جائزة.
  • وفي حالة التوسط لا يمكن معرفة الجهالة إن كانت يسيرة ام كبيرة، على سبيل المثال بيع الأعيان الغائبة أي الشيء المبيع ليس تحت نظر المشتري ولم يراه بعد، والمغيبات في الأرض كبيع محصول زراعي لم يطرح بعد. 

تابع المزيد: فقه النوازل المالية

ما هو أثر أحكام الغرر والجهالة في المعاملات؟

أحكام الغرر والجهالة

تعد أحكام الغرر والجهالة بمثابة بصيرة لحفظ حقوق الأفراد في التعاقد وحمايتهم من الظلم والفساد، كما يحمي العقد من الغش والخداع.

ما الفرق بين الغرر والجهالة

هناك فرق بين الغرر والجهالة في الشريعة الإسلامية على الرغم أن أغلب العلماء لا يفرقون بينهم، وتكون التفرقة عن طريق العموم والخصوص بمعنى الآتي:

  • الغرر أعم من الجهالة لأنه قد يحصل أحد المتعاقدين على الشيء أو قد لا يحصل وذلك على سبيل المثال السابق ذكره بيع السمك في الماء، فلا تعرف إن كان من الممكن اصطياده أم لا، كذلك بيع العبد الآبق أي الهارب من سيده فأنت لا تعرف إن كان سيعود أم لا.
  • الجهالة أعم من الغرر من حيث الجهل بالصفة، أي معرفة بوجود الشيء ولكن نجهل وصفه في العقد، وذلك على سبيل المثال شراء شكارة أرز ولا تعرف نوعه أو وزنه أو إن كان سليم من الداخل أم لا.

 لما كانت الشريعة الإسلامية تحافظ على الحقوق وتطبيق العدل في جميع مقاصدها، وتعتبر أحكام الغرر والجهالة من أهم الأحكام التي تقصدها الشريعة في المعاملات المالية بين المتعاقدين يجب أن تكون واضحة لا تشوبها أي خداع أو زيف.

alaa.shalaby.2003

هو كاتب محتوى إبداعي يتمتع بخيال واسع وقدرة على صياغة القصص والشخصيات الجذابة، يتقن كتابة الروايات، والقصص القصيرة، والمقالات الإبداعية، والسيناريوهات، وغيرها من أنواع المحتوى الإبداعي، يسعى "علاء" دائمًا إلى إلهام القراء وإثارة مشاعرهم من خلال محتواه المبتكر والمميز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى