التعرف على أحكام الهدايا والمكافآت يساعد على فهم كيفية التفاعل مع الهدايا التي تأتينا من المقربين منا، أو كيف ومتى نشتري الهدايا لمن نحب، وما المعاني التي تختبئ وراء كل هدية في كل موضع من مواضع التهادي، حيث إن المسلم يجب أن يكون فطنا لمضمون ما يعرض عليه من أمور، وألا يتفاعل معها بدون أهتمام أو تمحيص.
بيان تعريف أحكام الهدايا والمكافآت
حث الشرع الحنيف على الهدايا والصدقات والتبرعات، وكل ما يُعطى من غير مقابل، واعتبرها من الأعمال الصالحة ومظاهر الإحسان، لما يترتب عليها من توثيق المحبة بين الناس، وتقوية الروابط، وقضاء حوائج المحتاجين.
وقد أكد القرآن الكريم على أهمية الإنفاق في سبيل الله في آيات عديدة، منها قوله تعالى: {وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة – 177]، وحث على التعاون على البر والتقوى في قوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ} [المائدة – 2].
تفصيل أحكام الهدايا والمكافآت
يختلف حكم الهدية أو العطية بحسب الموقف الذي يتم منحها فيه، وذلك لأن نوايا البشر تتباين في استخدام الهدايا، والمعاني من ورائها، ولذلك يجب تفصيل الأحكام فيها كالآتي:
ندب الشرع إلى التهادي
حث الإسلام على تبادل الهدايا بين الناس، وخاصةً بين الأقارب، وجعل قبول الهدية أمرًا مستحبًا لما يجلبه من مودة ومحبة، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: “كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عَلَيْهَا” (رواه البخاري)، والأصل في الهبة أن تكون بلا عوض، ولكن يجوز أن يشترط الواهب عوضًا أو يجري العرف بذلك، فتكون حينئذٍ هبة ثواب.
وبناءً على ذلك يجوز قبول الهدايا من الأقارب والمعارف والأصدقاء، ولا يلزم رد الجميل عليها إلا إذا اشترط الواهب ذلك أو جرى به العرف، مع أن المكافأة بالهدية أفضل، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “…ومن أتى إليكم معروفًا فكافِئوه فإن لم تجدوا فادعوا لهُ حتى تعلموا أن قد كافأتموهُ” (أخرجه أبو داوود).
أقرأ المزيد: الزكاة على الأموال وأهميتها وشروطها ومصارفها
هدايا الموظفين والعمال
إن الهدايا والمكافآت والإكراميات التي تُقدم للموظف لا تُعتبر حقًا شخصيًا له، بل هي عطاء يأتي إليه بحكم وظيفته ومسؤوليته، وهذا ما يؤكده ما ورد في الحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه حيث قال:
“اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا مِنَ الأسْدِ، يُقَالُ له: ابنُ اللُّتْبِيَّةِ، قالَ عَمْرٌو: وَابنُ أَبِي عُمَرَ، علَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا قَدِمَ قالَ: هذا لَكُمْ، وَهذا لِي، أُهْدِيَ لِي، قالَ: فَقَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عليه، وَقالَ: ما بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ، فيَقولُ: هذا لَكُمْ، وَهذا أُهْدِيَ لِي، أَفلا قَعَدَ في بَيْتِ أَبِيهِ، أَوْ في بَيْتِ أُمِّهِ، حتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَنَالُ أَحَدٌ مِنكُم منها شيئًا إلَّا جَاءَ به يَومَ القِيَامَةِ يَحْمِلُهُ علَى عُنُقِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعِرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ، هلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ” (رواه البخاري ومسلم).
ففي الحديث الشريف يوضح النبي صلى الله عليه وسلم أن الهدايا التي تُهدى للموظف بسبب عمله لا يجوز له تملكها، بل يجب أن تدخل في عموم المال الذي يتولى عليه، ويوجه توبيخًا شديدًا لمن يستغل منصبه للحصول على هدايا شخصية، ويؤكد أن هذا الفعل محرم ويستوجب المساءلة أمام الله تعالى.
بين علماء الشريعة الإسلامية أحكام الهدايا والمكافآت في الكثير من المواقف التي يمكن أن يمر بها المسلم، وعلى كل مسلم مؤمن بالله أن يتفقه في دينه، ويعلم متى يقبل الهدية ومتى يردها.