تعد المعاملات المالية المباحة في الشريعة الإسلامية من الركائز الأساسية لتنظيم حياة المسلمين الاقتصادية وفق الأحكام التشريعية الإسلامية التي يكون الهدف الأساسي منها تحقيق العدل والشفافية والتوازن بين المصالح المجتمعية والشخصية، حيث وضع الفقه الإسلامي ضوابط دقيقة للمعاملات المالية وذلك لضمان مشروعيتها وإيجازها وكذلك حماية الأطراف من الظلم والاستغلال والغش.
أهمية المعاملات المالية المباحة في الإسلام
لقد وردت في كتب الفقه الإسلامي بعض الضوابط الدقيقة للمعاملات المالية وذلك للتوازن بين المصالح الشخصية والمجتمعية، وفيما يلي إليك أبرز الأسباب تدل على اتباع المعاملات المالية المباحة في الإسلام تتمثل في النقاط التالية:
- تحقيق التعاون والعدل تحث المعاملات المشروعة في الإسلام على التعاون الاقتصادي العادل بين أفراد المجتمع بعيداً عن الاستغلال والربا والظلم.
- الحفاظ على المال وذلك لأن المال في الإسلام له حرمة فلا يجوز إتلافه أو اكتسابه بشكل محرم مثل الربا والقمار وغيرها.
- منع الظلم والضرر حيث تحرم المعاملات المالية المشروعة في الإسلام اتباع الطرق التي تعتمد على الغش أو المخاطرة غير المحسوبة التي سوف تضر بأحد الطرفين.
- التوافق مع أهداف ومبادئ الشريعة تراعي المعاملات المالية المشروعة في الإسلام أهداف الشريعة في الحفاظ المال وتنمية الاقتصاد بطريقة أخلاقية.
ضوابط المعاملات المالية المباحة
- الخلو من الربا أي منع أي زيادة مشروطة على القروض أو البيوع الربوية.
- الخلو من الاستغلال والظلم ومنع الغش في المعاملات المالية مثل بيع ما ليس مضمون التسليم.
- التراضي بين الأطراف فلا يجوز الإكراه أو الخداع في العقود.
- التوافق مع القيم الأخلاقية فلا تجوز المعاملات المالية التي تدعم المحرمات مثل بيع الخمر أو المخدرات وغيرها.
أنواع المعاملات المالية
تنقسم المعاملات المالية إلى أربعة أقسام وهم:
- معاملات مالية ربحية ويطلق عليها لقب العوضية وهي التي تكون مقابل تمليك شيء ما أو منفعته مثل البيع والشراء والقرض والرهن.
- البيع والشراء يعتبر أكثر أنواع المعاملات المالية شيوع وفيه يتم مبادلة شيء ما أو سلعة مقابل المال.
- الإجارة وهي بيع المنفعة مثل المعلومات مقابل عوض معلوم لفترة محددة.
- معاملات إحسانية أو تبرعية وهي المعاملات التي يقصد بها الإرفاق والإحسان مثل الهبة والوقف والعتق والوصايا وغيرها.
أقرأ المزيد: أحكام الهدايا والمكافآت في الفقه الإسلامي
أحكام المعاملات المالية في الإسلام
شرع الإسلام مجموعة من الأحكام من أجل ضبط استهلاك المال وحسن تدبيره ومن أهم هذه الضوابط تكون كالآتي:
- تصحيح النية والقصد في المعاملات المالية بأن الغاية من المعاملات للحصول على الكسب الطيب ليعين الإنسان على تحقيق حاجاته واستحضار الإخلاص لله في العمل وكذلك في المعاملات الإحسانية، قال رسول الله صل الله عليه وسلم (“إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى”).
- الالتزام بالحلال وتجنب الحرام بمعنى أن تكون المعاملات مشروعة أي مطابقة الأحكام والمبادئ التشريعية الإسلامية، وأن تكون مجال الطيبات وتجنب الخبائث مهما كان قدرها وقال رسول الله صل الله عليه وسلم (“إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا”).
- توثيق المعاملات المالية وذلك من خلال الالتزام بإبرام العهود والعقود المطابقة لشرع الله منعاً للنزاعات والمخاصمات.
- الالتزام والصدق في المعاملات مثل الوفاء بالمواثيق والعهود من أجل الأمور التي دعا إليها الإسلام ورتب نقضها والإخلال بها صنوف الذم والعقاب.
- تجنب الضرر في المعاملات المالية مثل الغش والظلم والاستغلال وكل صور أكل أموال الناس بالباطل.
ما هي المعاملات المالية
تعد المعاملات المالية تواصل أو اتفاق أو حركة تتم بين البائع والمشتري، وذلك لتبادل أصل معين مقابل مبلغ مدفوع، الأهم من ذلك أن هذه المعاملة تتضمن تغيرًا في الحالة المالية لاثنين أو أكثر من الأفراد أو الشركات.
الأصل في المعاملات المالية
إن الأصل في المعاملات المالية الصحة، الإباحة، وألا يُحرم منها أو يُبطل إلا إذا دل الشرع على تحريمه، ويذكر أن هذا الأصل يعد من القواعد المهمة في أبواب المعاملات، كما أنه قاعدة فقهية مهمة يتم التمسك بها في حالة عدم وجود دليل خاص بتلك المسألة.
إذ أن الأصل في باب المعاملات الإباحة والحل، وهذه القاعدة تعد قاعدة نافعة عظيمة، ويُذكر أنه يتم التعبير عنها بألفاظ أخرى مثل “الأصل في العقود الإباحة”، أو “الأصل في الأفعال الإباحة”.
وعليه نشير إلى أن الأصل في المعاملات يكمن في شروط وعقود الإباحة إلا في حالة كان الشرط مناقضًا لحكم الله ورسوله، أو مناقضًا لمقصود العقد، حيث يكون حينها الشرط باطلًا لا يمكن الالتزام به.
إذ قال الشافعي رحمة الله عليه: “فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعاً، إلا ما نهى عنه رسول الله ﷺ، وما كان في معنى ما نهى عنه”.
تابع المزيد: شرح الوكالة في المعاملات المالية
أمثلة على المعاملات المالية المباحة
تجدر الإشارة إلى أن المعاملات المالية المباحة عبارة عن كل تعامل مالي غير مخالف للشريعة الإسلامية، ومن بين الأمثلة عليها ما يلي:
- يمكن البيع والشراء من خلال مبادلة سلعة أو خدمة مقابل مال، وذلك مع مراعاة الضوابط الشرعية.
- كما يمكن استئجار منفعة شيء مقابل أجر معلوم.
- من بين الأمثلة أيضًا الوكالة، وذلك من خلال تفويض شخص آخر لكي يقوم بعمل مالي نيابةً عنك.
- يمكن أيضًا الرهن عن طريق جعل شيء مالي وثيقة تضمن سداد الدين.
- يذكر أنه يمكن الهبة من خلال التبرع بمال للغير دون أي مقابل.
- يُشار إلى أنه يمكن إقراض شخص عن طريق إعارة مال له على أن يتم الالتزام برد هذا المال مرة أخرى.
تهدف المعاملات المالية المباحة في الشريعة الإسلامية إلى الالتزام بالقيم الأخلاقية وتحقيق العدل والشفافية منع الظلم والاستغلال والربا وتوفير التوازن بين مصالح المجتمع والشخص كما تعرفنا على أنواع المعاملات المالية في الإسلام وأحكامها.
