تعد مضاربة الأسهم في الفقه من المواضيع المعاصرة التي أثارت اهتمام الفقهاء نظراً لتطور الأسواق المالية ودخول المسلمين مجال الاستثمار فيها، حيث العلماء إلى دراسة تلك المسألة في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية للتفريق بين ما هو جائز شرعاً وما هو محرم.
وتتطلب تلك الدراسة التمييز بين أنواع الأسهم وطبيعة الشركات المصدرة لها مع مراعاة الضوابط الفقهية كخلو النشاط من الربا والغرر والالتزام بمبدأ المشاركة في الربح والخسارة، لذلك سوف نعرض من خلال موقعنا أراء فقهية الرؤية الفقهية لمضاربة الأسهم وتحليل آراء العلماء في هذا المجال المهم.
مضاربة الأسهم في الفقه
تعد مضاربة الأسهم في الفقه من القضايا المستجدة التي تناولها العلماء بالبحث والدراسة لاسيما مع اتساع نطاق التعامل بالأسهم في الأسواق المالية العالمية والعربية، ويقصد بالمضاربة هنا عمليات البيع والشراء السريعة التي تهدف إلى تحقيق أرباح من فروقات الأسعار وليس من أرباح الشركة نفسها.
واختلف الفقهاء في حكم هذا النوع من التعامل تبعاً لطبيعة الأسهم محل المضاربة وأسلوب التداول المتبع، فعلى سبيل المثال في حال كانت المضاربة تتم في أسهم شركات ذات نشاط مباح وخالية من التعاملات الربوية فإن العلماء أجازوها بضوابط أهمها عدم الدخول في عمليات تنطوي على الغرر أو الميسر كالبيع المكشوف أو استخدام الهامش الربوي.
أقرأ المزيد: حقوق المستهلك في الشريعة
بينما في حال كانت الأسهم تعود لشركات تتعامل بالربا أو أنشطتها محرمة فهنا يحرم المضاربة بها اتفاقاً، ويشترط في المضاربة الجائزة أن يكون الهدف منها الاستثمار المشروع وألا تتضمن ممارسات تخرجها عن إطار البيع والشراء المشروع مثل التلاعب بالأسعار أو الاعتماد على الشائعات للإضرار بالغير.
حكم المضاربة اليومية في البورصة
تشير المضاربة اليومية في البورصة إلى عمليات البيع والشراء السريعة للأسهم خلال نفس اليوم بهدف تحقيق أرباح من فروقات الأسعار دون نية الاحتفاظ بالأسهم لفترة طويلة، وقد تناول الفقهاء المعاصرون تلك المسألة باعتبارها من القضايا المالية المستجدة واختلفوا في حكمها تبعاُ لطبيعة الأدوات المستخدمة وظروف التداول.
حيث يرى بعض العلماء أن المضاربة اليومية جائزة بشرط أن تكون الأسهم لشركات ذات نشاط مباح وألا يترتب على التداول أي تعامل ربوي كاستعمال الهامش أو الاقتراض بالفائدة مع مراعاة الصدق والشفافية في المعلومات المتداولة، كما يشترط ألا تؤدي تلك المضاربات إلى الإضرار بالآخرين أو التلاعب بأسعار السوق.
بينما يرى البعض الأخر أن المضاربة اليومية لا تخلو من شبهات شرعية لأنها عادة ما تنطوي على مجازفة شديدة تشبه الميسر، إلى جانب أنها تعتمد على التوقعات السريعة والتقلبات اللحظية لأداء الشركات، كما أن طبيعتها قد تسبب في تحويل الاقتصاد الإنتاجي وتحويل السوق إلى أداة للربح السريع فقط.
وبذلك فإن الحكم الشرعي للمضاربة اليومية في البورصة يتوقف على مدى التزامها بالضوابط الشرعية وابتعادها عن المحاذير المالية المحرمة.
حكم تداول الأسهم عبر الإنترنت
يعد تداول الأسهم عبر الإنترنت من الوسائل الحديثة للاستثمار، لذلك اهتم الفقهاء ببيان حكمه وفقاً للضوابط الشرعية على النحو التالي:
- يشترط أن تكون الأسهم لشركات نشاطها مباح وخالي من الربا أو المعاملات المحرمة.
- يجب أن تتم صفقات البيع والشراء بصورة حقيقية دون تلاعب أو صورية.
- يحجب التداول بالهامش في حال كان يتضمن قرضاً ربوياً.
- لا يجوز البيع على المكشوف لأنه يتضمن بيع ما لا يملك.
- يجب الالتزام بالشفافية وتجنب استغلال المعلومات السرية أو الشائعات.
وبذلك نكون قد وصلنا إلى ختام موضوعنا عن مضاربة الأسهم في الفقه والتي تخضع لضوابط دقيقة توازن بين مستجدات الأسواق ومقاصد الشريعة مما يستوجب فهماً واعياً والتزاماً بالأحكام الشرعية في كل معاملة.