فقه الأسرة

أحكام الزواج في الإسلام وأركانه وسننه

دراسة أحكام الزواج في الإسلام يعين المسلم على فهم واجباته وحقوقه وأولوياته مما يساعده على بناء بيت قويم، يسير أهله على صراط الله المستقيم، مما يؤدي إلى تنشئة جيل من الشباب الواعد، المحب لله ورسوله، الذي تربى على العبادة ودراسة كلام الله جل وعلا واتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلا يخفى على أحد هذه الأيام ما تعانيه الأمة من تفكك أسري وزيادة في معدلات الطلاق، مما يؤدي إلى تشرد الأبناء وبعدهم عن طريق الله سبحانه، وهذا ما يهدد استقرار المجتمع بأكمله، ويعجل بفنائه أو تحوله إلى غابة موحشة في أفضل الأحوال.

أحكام الزواج في الإسلام

أحكام الزواج في الإسلام
أحكام الزواج في الإسلام

تختلف أحكام الزواج في الإسلام باختلاف حال كل مسلم، فإن كان الحكم العام في الزواج هو الجواز للقادر، فإنه تعتريه بعض الأحكام التكليفية الخمسة على حسب حال الراغب في الزواج، لأن الأحكام الفقهية تتحدد على حسب حالة كل سائل، مما يستدعي أن يسأل صاحب المسألة أهل الفتوى بنفسه لكي يحصل على جواب شافي لسؤاله.

وإذا كنت ترغب في التعرف على الأحكام التي تعتري الزواج فيمكنك أن تتصفح مقالات موقع آراء فقهية، لكي تتمكن من فهم المسائل المتعلقة بالزواج بشكل دقيق، مما يساعدك على فهم طبيعة هذه العلاقة الشرعية بين الذكر والأنثى.

أحكام الزواج الخمسة

تختلف أحكام الزواج في الإسلام على حسب حال المسلم، ولذلك يجب التفريق بين الأحكام التكليفية والأحكام العامة، لأن الخلط بينهما قد يؤدي إلى إلزام غير القادر بما لا يطيق، تتمثل في الآتي:

الزواج المندوب 

الندب هو أعم الأحكام التكليفية في الزواج، في حالة كون الرجل أو الشاب قادراً على النفقة ولكنه لا يخاف عليه الوقوع في الفواحش، فينصح بالزواج دون إلزام، وذلك لحديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (…يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، ومَن لَمْ يَسْتَطِعْ فَعليه بالصَّوْمِ؛ فإنَّه له وِجَاءٌ) [رواه البخاري].

وجوب الزواج

يمكن أن يكون حكم الزواج وجباً وأولوية قصوى على المسلم الذي يملك القدرة على النفقة والمعيشة، وله شهوة يخشى عليه منها أن يقع في الفواحش، فيجب على هذا المسلم أن يبادر بالزواج في أسرع وقت.

إباحة الزواج

يكون الزواج مباحاً دون ندب أو وجوب إذا اتفق لدى المسلم المال والنفقة مع فتور الشهوة، وألا يخاف عليه من الفاحشة، ففي هذه الحالة له أن يدع الزواج، لكنه يظل مباحاً في حقه صيانة لنساء المسلمين.

الزواج المكروه

قد يصبح الزواج مكروهاً في حالة شك المسلم في إمكانية ظلم الزوجة أو عدم قدرته على الإنفاق عليها بالشكل المطلوب، فكراهة الزواج هنا لانتفاء أو قلة الباءة التي هي مؤنة الزواج، فيخشى ألا ينفق على الزوجة أو أن يسيء عشرتها، فلا بد له من معالجة تلك الشكوك قبل الشروع في الزواج.

الزواج المحرم

تتعدد أسباب تحريم الزواج على حسب حال المسلم، فإن كان غير قادر على القيام بواجباته الزوجية بسبب انتفاء الأداة، أو عدم قدرته على الإنفاق، أو تيقنه من ظلم الزوجة، أو الزواج منها نبية الإهانة وسوء العشرة، كل هذا يحرم الزواج في حق ذلك المسلم، لأنه لن يتمكن من أداء حقوق زوجته كما ينبغي.

أركان الزواج في الإسلام

أحكام الزواج في الإسلام
أحكام الزواج في الإسلام

إن معرفة أحكام الزواج في الإسلام تستوجب معرفة أركانه، لأن الأركان هي التي لا يقوم الشيء إلا بها، وعليه فإن أركان الزواج تترتب كالتالي:

الصيغة

وهي الإيجاب والقبول، ومعنى الإيجاب قول ولي الزوجة للزوج زوجتك ابنتي أو موكلتي، وقول الزوج قبلت، وهي أهم ركن من أركان عقد الزواج، ولا يتم العقد إلا بها.

الزوج

وهو المسلم البالغ العاقل المتقدم للزواج من الزوجة البالغة العاقلة، وقد اشترط في الفقهاء بعض الشروط منها:

  • ألا يكون من محارم الزوجة، فلا يكون أبا ولا أخا شقيقاً أو من أم أو من أب أو في الرضاعة، ولا يكون عماُ أو خالاً أو جداً وما إلى ذلك.
  • أن يتم تعيين الزوج في العقد باسمه، فلا يجوز أن يقول الولي زوجت ابنتي لأول شخص يدخل من الباب، لأنه غير معين.
  • ألا يكون الزوج محرماً فلا يجوز الزواج أثناء الإحرام.

الزوجة

المسلمة البالغة العاقلة التي يتقدم إليها المسلم في الزواج، ومن أهم الشروط التي وضعها الفقهاء لها:

  • ألا يكون بها ما يمنع النكاح كالدورة، أو أن تكون متزوجة من غيره، أو في العدة.
  • أن تكون محددة ومعينة باسمها وصفتها.
  • ألا تكون الزوجة محرمة بحج أو بعمرة.

الولي

لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها في الإسلام، فقد شرع الله لها أن يزوجها وليها، لكي يحسن اختيار زوجها، وذلك لحديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (لا تزوِّجُ المرأةُ المرأةَ ولا تزوِّجُ المرأةُ نفسَها) [رواه ابن ماجة].

الشاهدان

من أركان الزواج أن يشهد على العقد اثنين من الشهود، دلت على ذلك أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن حديث: (لا نكاحَ إلا بولِيٍّ، و شاهِدَيْ عَدْلٍ) [رواه الألباني].

خصائص عقد الزواج في الإسلام

يتمتع عقد الزواج في الإسلام ببعض الخصائص التي تميزه عن غيره من العقود، ولا بد من توفر تلك الخصائص حتى يتفق العقد مع مبادئ الشريعة الإسلامية، ومن تلك الخصائص:

التأبيد

أقر علماء الشريعة الإسلامية أن الزواج عقد أبدي ينتهي فقط بالطلاق والموت والخلع، ولا يمكن تأقيت العقد، أو تحديد مدة معينة له، سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة، طويلة أو قصيرة، وفي حالة كان التأقيت في نية الزوج دون أن يصرح به فقد اختلف الفقهاء في حكمه كالتالي:

  • ذهب جمهور الفقهاء إلى أن النكاح صحيح حتى مع هذه النية، طالما لم يصرح بها في العقد.
  • بينما يرى الحنابلة بكراهة هذا العقد، لأن نية الزوج الخفية تختلف عن نيته المعلنة.
  • وقال بعض العلماء بأن ذلك الزواج لا يصح، إلا أن المعمول به هو رأي الجمهور، لعدم القدرة على الاستدلال على نية الزوج.

الإلزام

عقد الزواج ملزم للطرفين الزوج والزوجة، وبنوده شاملة لهما معاً، لكن بعض الفقهاء قالوا بأن الإلزام في حق الزوجة فقط، إذ أن الزوج يمكنه فسخ العقد بالطلاق، ولا يمكن عندهم فسخ العقد إلا من خلال الطلاق والوفاة فقط.

تابع المزيد: أهمية المعاملات في الإسلام

سنن الزواج في الإسلام

أحكام الزواج في الإسلام
أحكام الزواج في الإسلام

للزواج في الإسلام سنن وردت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي أمور كان النبي يقوم بها في عقد الزواج أو أقرها ولم يعترض عليها، ومن تلك السنن:

الخطبة

وليس المقصود منها تعارف الزوجين قبل الزواج، بل إن المقصود منها خطبة كخطبة الجمعة لكنها تكون قبل عقد القران، وفيها دعاء واستعانة واستعاذة بالله من كل سوء وشر قد يصيب الزوجين، مع وعظهما ونصحهما وتذكيرهما بالله تبارك وتعالى.

الوليمة

من السنة إطعام الناس في العرس، لأن الإطعام من أعظم النعم التي ترضي الله تبارك وتعالى، ويبارك الله بها في حياة الزوجين وقد أمر بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث: (- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ رأى عبدَ الرَّحمنِ بنَ عوفٍ وعليْهِ رِدعُ زعفرانٍ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ مَهيِم فقالَ يا رسولَ اللَّهِ تزوَّجتُ امرأةً قالَ ما أصدقتَها قالَ وَزنَ نواةٍ من ذَهبٍ قالَ أولِم ولو بشاةٍ) [صحيح أبي داود].

لا يصح أن يغفل المسلم المكلف عن أحكام الزواج في الإسلام، لأنها تتعلق بأهم علاقة في حياته بعد علاقته بأمه وأبيه، وهي علاقته بزوجته، التي من المفترض أن تكمل معه مشوار حياته القادمة كلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى