نصائح هامة تساعدك على معالجة المشاكل الأسرية
السعي في معالجة المشاكل الأسرية من أعظم أعمال البر التي يحبها الله تبارك وتعالى، لأن الحفاظ على الأسر في المجتمع له فوائد عظيمة تعود على المجتمع ككل، ومنها إعمار المنازل بذكر الله تبارك وتعالى وطرد الشياطين منها، لأن المنازل المطمئنة هي التي تذكر الله على الدوام، ومنها إنشاء جيل جديد من المسلمين بأنفس سوية وقلوب عامرة، ولذلك علينا أن نفهم بأن الزواج وتأسيس البيوت ليس متعة ولا لعبة، إنما هي مسؤولية عظيمة ونعمة كبرى من رب العالمين، ينعم بها على عباده لكي يعطيهم الفرصة في تربية أحبابه من الصغار الذين يأتون إلى الدنيا لا حول لهم ولا قوة إلا بالله.
معالجة المشاكل الأسرية
المشاكل التي تحدث بين أفراد المنزل الواحد تحمل أبعاد عديدة، وفي الغالب ما تكون معقدة ومتشابكة، وتكون كلها مبنية على سوء الظن والرغبة في بسط السيطرة أو الخوف من ضياع الحق، ولذلك على الذي يريد أن يتدخل لحل المشكلة فهم كل أبعادها أولا، والتحقق من حقيقة موقف كل أطراف المشكلة، لكي يتمكن من بناء حلوله على حقائق وليس مجرد آراء وظنون.
ويمكنك أن تجد في موقع آراء فقهية الكثير من المواضيع التي تساعدك على فهم المواقف الحياتية المعقدة وكيفية حلها، فهي موسوعة فقهية تربوية تقدم فهم دقيق وحلول أكيدة، لكل المشاكل التي قد تواجه المسلم في حياته.
ولقد وصانا الله تبارك وتعالى على التصالح ودعم المواقف الإيجابية بين الناس، من ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚوَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات – 10]، ولذلك علينا دائماً ألا ندع للخلاف فيما بيننا مكاناً، وأن نتقبل اختلافنا وتبايننا الحاد عن بعضنا، فالتقبل والرضى نصف الطريق إلى حل كل المشاكل والأزمات.
دور الحوار في حل المشاكل الأسرية
إذا كان الصبر والرضا هما نصف الطريق لحل المشاكل بين الناس، فإن الحوار والتفاهم هما نصف الطريق الآخر نحو معالجة المشاكل الأسرية، حيث يعتبر الإفصاح عن المشكلة ومحاولة التفاهم حولها وإيجاد الحلول التي ترضي جميع الأطراف هو الأساس الذي تبنى عليه كل جلسات المصالحة والمصارحة بين الأسر والعائلات.
ولكن توجب بعض الضوابط التي لا بد من أخذها بعين الاعتبار أثناء جلسة الحوار والتفاهم، حتى لا تنقلب الجلسة إلى عراك وسباب بلا أي داعي، وتتفاقم المشكلة أكثر ويزداد الوضع سوءً، ومن تلك الضوابط:
تجنب الكلام الحاد
لقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استخدام الألفاظ البذيئة في الكلام وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ) [أخرجه الترمذي].
لذلك يجب على كل من الزوجين والأولاد والأهل أن يلتزموا بمعايير الأدب والأخلاق في الكلام، وألا يتجاوز أحد حدوده في الكلام، لأن تلك العبارات المستفزة للطرف الآخر قد تزيد من الأحقاد والمشاكل بين المتشاحنين.
لا تتجاهل النقاش
السكوت على المشكلات الأسرية يزيدها سوءًا، لأن المخطئ سواء أكان مدركاً لخطأه أو لا، فإنه يزيد من حدة تصرفه الغير سوي مع كل مرة تصمت فيها تتركه يفعل ما يحلو له، فإن كان الكلام الحاد ممنوعاً فالسكوت أشد منعاً.
لأنه يؤدي إلى تراكم الغيظ في الصدور والغل في القلوب، مما يؤدي إلى تعاظم الخلاف مع عدم ملاحظة المشكلة، ليوصل إلى الإنفجار والقرارات الصادمة والمشكلات النفسية وغيرها، لذلك يجب على من يرغب في معالجة المشاكل الأسرية، أن يسمح لكل الأطراف بالكلام وأن يستمع إلى الجميع.
البعد عن المنافسة
لسنا في حلبة مصارعة أو ساحة حرب، الزواج اندماج لاثنين في كيان واحد، ولذلك علينا أن نبتعد على الأساليب الكلامية التي يحاول كل طرف فيها إثبات خطأ الآخر خلال عرض وجهة نظره، أو التمسك بالمكاسب الأولية التي تعرض خلال النقاش، لأن هذا يستفز الطرف المقابل، ويزيد الطين بلة.
فإن رأيت أن أحد الطرفين يحاول إثبات انتصاره على الآخر، تأكد من أنه لا يريد الحل الذي يرضي الجميع، لكنه يريد الحل الذي يرضيه هو فقط، لهذا كن حريصا خلال معالجة المشاكل الأسرية، على أن تكون التسوية مرضية وشاملة لجميع الأطراف.
خطوات بسيطة لحل الخلافات الزوجية
عند معالجة المشاكل الأسرية علينا أن نتبع مجموعة من الإرشادات المهمة التي من شأنها أن تزيد من فرص حل المشكلة ونبذ الخلاف والتي منها الآتي:
تفهم الأمر
يجب على من يستمع إلى أطراف المشكلة أن ينصت إلى التفاصيل التي يركز عليها كل طرف، لكي يفهم نوع المشكلة هل هو سوء ظن أم خلاف وجهات نظر، أو غيره، حيث يساعده هذا الفهم على صياغة كلامه عند محاولة معالجة تفاصيل المشكلة أمام الأسرة.
محاسبة النفس
يجب حث كل طرف من الأطراف على التفكير في أخطاؤه قبل التفكير في كيفية محاسبة الآخر، لأن معرفة كل طرف من الأطراف لدوره في المشكلة يساهم في معالجة المشاكل الأسرية، بشكل سريع وبدون أي أضغان أو أطراف مظلومة.
الوعظ والتوجيه
أغلب المشاكل الأسرية تكون بسبب نسيان واجبات أو تقصير في حقوق، لذلك علي المتدخل لحل المشكلة أن يوجه الأطراف للأمور التي غفلوا عنها خلال نشوء الخلاف وأدت إليه، مما يسرع من استجابة الجميع للتفاهم ويخفف من حدة النقاش.
منع نشر المشكلة
طالما بقيت المشكلة داخل المنزل فمن السهل السيطرة عليها، حيث إن الأطراف ليسوا كثراً أما إذا امتدت لخارج المنزل ووصلت للأهل والأقارب، فإنها تزداد سوءًا وتتحول إلى معضلة وأزمة حقيقية، ذلك لأن وجهات النظر الخبيثة التي يبثها الشيطان في النفوس، تظهر بشكل أكبر كلما زادت الأطراف الداخلة في المشكلة.
تحديد محل النزاع
كثيراً ما يلجأ الطرف الأضعف إلى تعديد أسباب المشكلة لكي يبرر موقفه، لذلك على المصلح أن يكون حريصا، على حصر النقاش في دائرة الموضوع الأساسي، دون التطرق إلى مواضيع جانبية، يمكن أن تثير الجالسين ضد طرف على حساب طرف، فتنقلب الجلسة إلى نزاع دفاع وهجوم عوضاً عن كونه تسوية.
الكلام وفق الفهم فقط
عندما يسمح الوسيط لكل طرف بالكلام، على كل طرف أن يتحدث بناءً على وجهة نظره وليس بناء على أن ما يقوله هو الصواب المطلق، لأن الخلاف يزداد عمقاً إذا تحدث كلا الطرفين على أنه لسان الحقيقة، بل لا بد من التركيز على صلب المشكلة وشرح وجهات النظر المتباينة لا أكثر.
تابع المزيد: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام
ذكر الحسنات في البدايات
ذكر الوسيط لمحاسن الطرفين ومزايا علاقتهما ببعض في بداية النقاش يعد وسيلة من وسائل تليين القلوب وإطفاء نار الشيطان في القلوب، مما يؤدي إلى تهوين الخلاف في صدورهم مقابل ذكرياتهم الجميلة معاً مما يزيد من فرصة معالجة المشاكل الأسرية.
عدم تضخيم الأمور
عند مطالبة كل طرف بالحقوق الواجبة عليه، لا يجب أن يكون ذلك بلهجة شديدة، ولا يجب أن يتم تعظيم تلك الحقوق وزيادتها عن حدها، ولا جيب أن يطالب أحد الطرفين بأمور ليست واجبة عليه، لأن هذا قد يعيد الخلاف إلى نقطة الصفر.
بعد معالجة المشاكل الأسرية علينا أن نرسي في المنزل مبادئ وقيمًا جديدة، تعلمنا كيف نتجنب حدوث ذلك الخلاف من جديد، لكي لا نسقط في نفس الحفرة مراراً وتكراراً، ونبقى في دائرة من الألم والمعاناة إلى الممات، فيحاسبنا الله على تقصيرنا وعلى أننا لم نتحمل مسؤولياتنا كما ينبغي.