حقيقة الإخلاص في العبادة وكيفية التخلص من الرياء
إن تحقيق مبدأ الإخلاص في العبادة مهم لكل مسلم يريد أن يرضي الله تبارك وتعالى عنه، لأن الإخلاص هو العلامة الوحيدة التي تدل على أن عملك هذا لوجه الله تبارك وتعالى، وبالتالي فأي عمل لا يتوفر فيه هذا الشرط يعتبر خارجاً عن إطار العبادة، ولذلك نبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على الإخلاص كشرط أساسي من شروط الإيمان، وهذا يوضح مدى أهمية ذلك العمل القلبي، ومدى التشديد على الأخذ بكل أسباب العلم والتدبر والتفقه حتى تحصل مقام المخلصين عند رب العالمين.
الإخلاص في العبادة
هو ذروة سنام الطاعة لله تبارك وتعالى، فبدونه لا يقبل العمل عند الله، ولا يؤثر في قلب العبد، ولا يكون له أثر في ميزانه يوم القيامة، وهذا لأن معنى الإخلاص ألا تشرك مع الله سبحانه وتعالى أي شيء أو أحد آخر في نيتك، سواء في العبادات أو المعاملات، لأن الله تبارك وتعالى لا يقبل أن يشرك عبده معه غيره في عبادته، وعكس الإخلاص الشرك أو النفاق.
ولأجل فهم الإخلاص في العبادة بصورة أدق يمكنك أن تبحث في موسوعة آراء فقهية، عن المواضيع التي تشمل الإخلاص في العبادات والمعاملات، لأن الإخلاص ليس مجرد خلق فاضل بل هو أساس لكل الطاعات ولكل الأعمال بينك وبين الله جل وعلا.
حكم الإخلاص في العبادة
أجمع علماء الشريعة الإسلامية على أن حكم الإخلاص في العبادة فرض على كل مسلم ومسلمة، واستدلوا بالقرآن في موضعين:
- الموضع الأول في قول الله جل وعلا في الآية الكريمة: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ۚ وَذَٰلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة – 5].
- الموضع الثاني في أمر الله سبحانه وتعالى لعباده بالإخلاص في قوله جل وعلا: {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ ۖ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ۚ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف – 29].
فضل الإخلاص في العبادة
أعد الله تبارك وتعالى للملتزمين بالإخلاص في العبادة أجراً عظيماً، لأن الإخلاص هو العلامة الأكيدة على خضوع القلب لله تبارك وتعالى مما يظهر على الجوارح، ويجعل المسلم لين القلب واللسان يكفي المؤمنين شره، ومن فضل الإخلاص على عباد الله كالتالي:
النجاة من الضلال
أثناء كلام إبليس اللعين مع رب العالمين بعد أن رفض السجود إلى آدم توعده بأن يضل عباده كلهم، لكنه استثنى منهم المخلصين، وهذا دليل على أن الإخلاص يحمي عقل وقلب المؤمن من الضلال، وقد جاء هذا الحوار في الآيتين الكريمتين: { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [سورة ص – 82، 83].
جزاء الإخلاص الجنة
ورد وعد الله تبارك وتعالى بجنات النعيم للمخلصين في أكثر من موضع في كتاب الله تبارك وتعالى، ولكن أبرز تلك المواضع قوله تعالى: {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ * أُولَٰئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات – 40، 41].
تطهير القلب
من أهم فوائد الإخلاص تطهير القلب من أمراض القلوب، وقد دل على ذلك حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (قامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ بالخيفِ من منًى، فقالَ : نضَّرَ اللَّهُ امرأً سمِعَ مقالتي، فبلَّغَها، فرُبَّ حاملِ فِقهٍ، غيرُ فَقيهٍ، وربَّ حاملِ فِقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ منهُ، ثلاثٌ لا يُغلُّ علَيهِنَّ قلبُ مؤمنٍ : إخلاصُ العملِ للَّهِ، والنَّصيحةُ لوُلاةِ المسلمينَ، ولزومُ جماعتِهِم، فإنَّ دَعوتَهُم، تُحيطُ مِن ورائِهِم) [أخرجه ابن ماجة].
الإخلاص سبيل النصر
يحقق الله تبارك وتعالى لعباده النصر بالإخلاص له سبحانه، وبالإحسان للضعفاء والفقراء، ولا يكون الإحسان إلا مع الإخلاص، ومن دليل ذلك حديث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (إنَّما يَنصرُ اللَّهُ هذِهِ الأمَّةَ بضَعيفِها، بدَعوتِهِم وصَلاتِهِم، وإخلاصِهِم) [صحيح النسائي].
تفريج الهموم والكربات
يزيح الله جل وعلا عن قلب عبده المؤمن الكربات والمحن، ويعينه على نفسه وعلى حاجاته، لأن الله تبارك وتعالى يختزن الأعمال الصالحة التي أخلصوا النية فيها له سبحانه، ليخرجهم بها من كربات الدنيا والآخرة.
كيفية الإخلاص لله في العبادة
دراسة كيفية الإخلاص في العبادة مهم لكل مسلم يبغي وجه الله تبارك وتعالى، لأن الإخلاص في النية من أهم أسس العبادات، والسبب في قبول كل الطاعات عند ربنا جل وعلا، وإليك بعض النصائح التي تساعدك على تحقيق الإخلاص:
حساب النفس
محاسبة النفس هي أول درجة في سلم الإخلاص في العبادة، لأن مراجعة النفس في التزامها بما أمر به الله تبارك وتعالى، فعلى كل مسلم أن يتبصر في حال نفسه، فإن وجد منها تقصيراً حاسبها عليه، وإن وجد منها التزاماً شجعها عليه.
تربية النفس
من خلال أداء العبادات دون ان يعلم بها أحد، مثل إخراج صدقة السر وقيام الليل وصيام النفل، وورد قرآن الفجر، وغيرها من الأمور التي تعين المسلم على أن يتعلم الإخلاص لله تبارك وتعالى مع الوقت.
تحقيق مبدأ الحمد
عن طريق شكر الله تبارك وتعالى في كل حين مع اليقين القلبي بأنه مهما فعلت لن تتمكن من إيفاء حق الله تبارك وتعالى عليك، وهذا هو ذروة الإخلاص، أن تعبد الله تعالى دون أن ترى أنك تقدم الكثير، أو أنك تستحق الكثير.
اليقين في فناء الدنيا وبقاء الآخرة
إن العبد المخلص يعمل ليرضي الله تبارك وتعالى في الدنيا، ويراه يوم القيامة في جنات النعيم، وهي غاية كل مؤمن بالله تبارك وتعالى، حيث لا يلتفت المخلص للدنياً إلا ما يقيم صلبه فيها، عدا ذلك فهو مع الله قلباً وقالباً.
تذكر موعظة الموت
الموت خير واعظ للمخلصين، لأن النفس تمل وتتعب وتأمر بالسوء، وعند تذكر الموت تتعظ وتنجزر، وتخاف من مصيرها إن ابتعدت خطوة عن الطريق المستقيم، وهذه من الفوائد التي أمرنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم بسببها أن نزور القبور، لكي نتذكر أنها سوف تكون ديارنا في أي وقت.
ترهيب النفس من الرياء
الرياء هو الرغبة في إظهار العمل الصالح ليراه الناس فيمدحوه، وهو مبطل للعمل عند الله جل وعلا، لأنه ينافي الإخلاص، ولذلك عليك أن تحافظ على قلبك، من أي رغبة في إظهار صلاحك للناس، حتى ولو على سبيل الخروج من موقف ما يتهمك الناس فيه بالتقصير، لأن الإخلاص يتبعه ابتلاء ليريك الله تعالى قدر إخلاص قلبك الحقيقي.
تابع المزيد: أحكام النية في العبادات
الصحبة الصالحة
أعثر على حصبة تكون لك دليلاً على الخير، و تحميك من الوقوع في الشر، وتعينك على أداء العبادات، وتقديم الطاعات، وتزيد من رقي أخلاقك وتحسن علاقتك مع الله جل وعلا، لأن الصحبة ساحبة، فكن مع من طريقهم الجنة ولا تكن مع من طريقهم إلى عذاب السعير.
استشعار عظمة الله
الله تبارك وتعالى هو الخالق العظيم، موجود معك في كل وقت وكل حين، يراك وأنت تعمل الصالح والطالح، فتعلم عن الله ما تستعين به على قلبك، ويصحو معه ضميرك، وتتقرب به لرب العالمين.
الإخلاص في العبادة من شروط قبولها عند الله جل وعلا، فليس معنى أنك أسقطت عن نفسك فريضة الصلاة، أنها قد قبلت، لأنه توجد شروط للصحة وشروط للقبول، ومن أهم شروط القبول أن تتوجه بالعبادة إلى الله وحده لا شريك له.