فقه المعاملات

شرح الضمانات في المعاملات التجارية وفق مبادئ الشريعة الإسلامية

الضمانات في المعاملات التجارية

الضمانات في المعاملات التجارية تساعد على توثيق العلاقات بين المتعاقدين، فهي تضمن لصاحب الحق رجوع حقه له في حال جار عليه شريكه أو الشخص المتعاقد معه، وهذا يساعد على نمو الاقتصاد وتحسين أحوال المعيشة للناس، وعليه فقد بينت الشريعة الإسلامية جميع أحكام الضمان، التي تبين لكل أطراف العقد حدود تلك المعاملة وشرائطها، فتكون حجة على الباغي حين يفكر في تعدي هذه الحدود، لذلك من المهم تدارس فقه الضمانات بشكل جيد قبل المضي في أي تعاقد جديد.

تعريف الضمان في الفقه الإسلامي

أصل الضمان في لغة العرب هو أن تضع شيء في شيء ليحويه، وضمنه أي أودعه والضامن هو الكفيل.

اما المعنى الاصطلاحي فهو شغل ذمة الإنسان بحق أو بتعويض عن الضرر، وهو من أبواب الفقه الواسعة التي يدخل فيها الكثير من المسائل وللضمان في الشريعة الإسلامية ثلاثة أسباب هم:

  • الإلزام للشارع ومثالها الكفارات.
  • الإلتزام بعقد معين، مثل عقود الكفالة مثلا.
  • إلحاق الضرر بالغير، مثل إتلاف الممتلكات.
الضمانات في المعاملات التجارية
الضمانات في المعاملات التجارية

اقرأ أيضًا: الزكاة في فقه المعاملات تعريفها ومقدارها ومصارفها

الضمانات في المعاملات التجارية

الضمان في المعاملات التجارية هو ثبوت حق للغير أو قابليته للثبوت لصالح إنسان على عاتق إنسان آخر، فيقوم طرف ثالث بالتبرع بسداد هذا الحق إذا عجز المدين عن دفع دينه، وعليه فإن عملية الضمان لها ثلاثة أطراف:

  • الضامن: وهو الشخص المتطوع بدفع دين ليضم ذمته إلى ذمة المدين ويتحمل عبء السداد عنه، ويقوم الدائن بمطالبته هو برد الدين.
  • المضمون عنه: وهو المدين الذي عليه دفع الدين للدائن، وفي الغالب يكون غير قادر على السداد أو متعثر.
  • المضمون له: وهو الدائن صاحب أصل الدين، والذي يكون من حقه أن يطالب الضامن بدفع دين المضمون عنه.
  • المضمون به: وهو الدين أو الحق الذي يطالب به المضمون له.

أسباب الضمانات في المعاملات التجارية

يلجأ المتعاقدين إلى الضمانات في المعاملات التجارية كنوع من أنواع حفظ الحقوق، وهذا ليكون كل طرف مطمئن للطرف الآخر وقادر على التعامل معه بأريحية وبلا مشكلات، ومن أسباب الضمانات في المعاملات التجارية التالي:

  • العقد: حيث إن التعاقد من أهم أسباب الضمانات خاصة إذا أخل أحد المتعاقدين بأي بند من البنود.
  • وضع اليد: وهو ينقسم باعتبار طبيعة اليد الموضوعة، إن كانت يد أمانة أو يد ضمان، فأما يد الأمانة فهي للحائز الذي لا يقصد التملك وهو لا يضمن، وأما يد الضمان فهي للحائز الذي ينوي التملك وهو يضمن إذا لم يتمكن من رد العين المحوزة إلى صاحبها.
  • الإتلاف: وهو من أشيع أسباب الضمان، كونه ناتج عن ضرر وقع بسبب اعتداء، وهو إخراج الشيء عن المنفعة التي ترجى منه، وإما أن يكون بالمباشرة وهو الإتلاف بغير وسيط كأكل طعام الغير أو بالتسبب وهو الإتلاف بواسطة كحفر حفرة في الطريق العام.

قواعد الضمانات في المعاملات التجارية

وضع الفقهاء مجموعة من القواعد التي تنظم الضمانات في المعاملات التجارية، وذلك توضيحًا لأحكامها وتبيانًا لما يجب على كل طرف من أطراف الضمان، وإليكم أهم قواعد الضمانات في الفقه الإسلامي:

القاعدة الأولى

إذا اجتمع المتسبب والمباشر فالضمان على المباشر، أي إنه إذا اجتمع في الضرر المباشر مع المتسبب فإن متحمل الضمان يكون هو المباشر، وهذا يعني أنه إذا قام شخص بحفر حفرة في الطريق العام، وجاء آخر ودفع غيره فيها فإن متحمل الضمان يكون من دفع المتضرر في الحفرة لا من حفرها، لأنه هو تسبب في الضرر.

القاعدة الثانية

المباشر يضمن وإن لم يقصد، إذ يتحمل المباشر الضمان وإن لم يتعمد، أي أنه إذا خرج شخص يصطاد بسلاحه فأصاب ملك غيره عن طريق الخطأ فهو يضمنه، لأنه المتسبب في الضرر حتى لو لم يقصد.

الضمانات في المعاملات التجارية
الضمانات في المعاملات التجارية

اقرأ أيضًا: أنواع ومفهوم النية في العبادات

القاعدة الثالثة

المتسبب لا يضمن إلا عند التعمد، وهذا يعين أن المتسبب لا يتحمل الضمان إلا إذا كان متعمداً للضرر أو متعاونا عليه مع غيره، لو تسبب شخص في إحداث شق في سور بيت شخص آخر فدخل منه لص وسرق الآخير، فإن محدث الشق لا يضمن ما سرقه اللص إلا لو كان متعاوناً معه.

القاعدة الرابعة

الضرر يزال، أي يجب على محدث الضرر أن يعالجه بنفسه، والضرر هو إلحاق الفساد بالغير، أي إذا شيد شخص بناء سد فيه الهواء والشمس عن بيت غيره، فيلزمه رفع الضرر عنه بنفسه.

القاعدة الخامسة

الجواز ينافي الضمان، أي أنه إذا كان الفعل المفسد جائزًا شرعًا فلا ضمان على المتسبب فيه، مثال ذلك إذا فتح تاجر محلًا في منطقة فتسبب في كساد تجارة التجار في تلك المنطقة فلا يضمن لهم أي شيء، لأن فعل التجارة الذي كان سببًا في المفسدة جائز شرعًا.

القاعدة السادسة

الضرورات لا يسقط الضمان، أي أن الأفعال التي قد يقوم بها المسلم على سبيل الاضطرار ويتسبب فيها بأذى لغيره فإن عليه أن يضمن حقهم لأن ضرورته لا تسقط حقوقهم، إذا هجمت بهيمة شخص على شخص آخر فقتلها دفاعًا عن حياته فإنه يضمنها لصاحبها، لأن ضرورة قتل البهيمة لا تنفي حق صاحبها.

القاعدة السابعة

الخراج بالضمان، أي أن استحقاق المنفعة يكون لمن تحمل تبعات الضمان، فإن أجر شخص سيارة من آخر وكسب من ورائها مالا، ثم قبل انتهاء فترة الأجرة وجد بالسيارة عيباً، فليس لصاحب السيارة أن يطالب بالتعويض عن المكاسب التي حصلها الضامن من وراء السيارة لأنه ضامن للسيارة في حالة تلفها عندما كانت في حوزته.

القاعدة الثامنة

حين تعذر الأصل يحال إلى البدل، أي إذا تعذر رد أصل الحق إلى صاحبه فإنه يأخذ ما يعوضه عنه، أي إذا غصب شخص شيء من آخر وتلف عنده فإنه يعوضه عنه بما يجوز أن يكون بديلًا عنه.

القاعدة التاسعة

جناية الحيوان جبار، وهذا أي يعني أنه إذا اعتدى حيوان غير مملوك لشخص على شخص آخر، فلا ضامن لحق المعتدى عليه لأن المعتدي ليس عاقلاً ولا يمكن عقلاً تحميله مسؤولية الإعتداء.

الضمانات في المعاملات التجارية
الضمانات في المعاملات التجارية

اقرأ أيضًا: دور القرآن والسنة في تحديد أحكام المعاملات

شروط الضمانات في المعاملات التجارية

إن باب الضمانات في المعاملات التجارية من أبواب الفقه الواسعة، لذلك فمن المهم الإطلاع على كافة حدوده، ومن أهم تلك الحدود هي شروط الضمانات، ومن تلك الشروط التالي:

  • يجب أن يكون الشيء الذي تم إتلافه من الأمور التي تدخل في ملك الأشخاص، فلا يمكن ضمان الميتة ولا التراب ولا أي شيء ليس داخلاً في نطاق المال عرفًا وشرعًا.
  • أن يكون هذا المال مما يتقوم به أي مما ينتفع به وبالتالي يحدث ضررًا بإتلافها.
  • ولا بد للضرر أن يكون دائماً فلا ضمان إذا أمكن إرجاع الشيء المتلف إلى ما كان عليه أو إصلاحه بدون تكلف.
  • أن يكون في إيجاب الضمان فائدة تمكن صاحب الحق من الانتفاع بحقه، فإذا أتلف شخص ما مسروقات تعود للص فلا يضمن له حقها لأن اللص لم يمتلكها أصلا.
  • أن تثبت يد المالك على ملكه، فلا ضمان في مبيع تلف قبل تسليمه لمشتريه، ولا في طائر أو بهيمة فرت من حبسها فماتت.

الضمانات في المعاملات التجارية مهمة لكل أطراف العقد لأنها تحمي كل طرف من جور الطرف الآخر عليه، وتساعد على زيادة الثقة والشعور بالأمان بين المتعاقدين، حيث يوفر الضمان حماية لصاحب الحق ورادعًا للطرف الآخر ألا يجور فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى