الإسلام يهتم كثيرًا بالطفل، ولذلك تعددت حقوق الطفل في الإسلام منذ لحظة ولادته وما قبلها، فالإسلام يهتم بتوجيه الأبوين لاختيار الشريك المناسب لتكوين أسرة توفر بيئة صحية للطفل، كما يحث الإسلام مراعاة الأبوين لاحتياجات الطفل النفسية والتعليمية والجسدية، كما يضمن للطفل الحق في الرعاية والتربية الحسنة، وأهمية العدل بين الأبناء وعدم التمييز بينهم، فقد حثت النصوص القرآنية والأحاديث النبوية على احترام الطفل ومراعاة حقوقه وتقديرها.
حقوق الطفل في الإسلام
يهتم الإسلام كثيرًا بحقوق الطفل فبجانب الحقوق الأساسية التي يحث عليها الإسلام يحث أيضًا على حق الطفل في التربية على القيم والأخلاق الدينية، وحقوق الطفل في التعليم الجيد ليعينه على فهم المجتمع والدين لتطوير مهاراته وإمكانياته، كما يضمن الإسلام للطفل الحق في الأمان والحماية، فيشدد على ضرورة حفظ كرامة الطفل وحمايته من الاستغلال، ولا يقتصر حرص الإسلام على الجوانب المادية فقط للطفل بل يشمل أيضًا الجوانب النفسية والتعليمية، كما تنقسم حقوق الطفل إلى قسمين هما، حقوق الطفل قبل ولادته، وحقوق الطفل بعد ولادته على النحو التالي:
حقوق الطفل في الإسلام قبل ولادته
- يوجد العديد من حقوق الطفل في الإسلام قبل ولادته، ليسعد في الدنيا والآخرة، وذلك حرصًا من الإسلام على خلق إنسان سوي قادر على رفع راية الدين، وتبدأ حقوق الطفل قبل ولادته، أي عند اختيار الزوج الصالح والزوجة التقية، فعند الزواج يجب أن يختار كلا الأبوين أمًا أو أبًا صالحًا لطفله.
- لا يقتصر الاختيار فقط على شريك حياة، ولكن يجب اختيار شريك لبناء أسرة متكاملة، لتربية أبناء على مكارم الأخلاق، لأنه إذا فسد الراعي فسدت الرعية.
- بينما يعتني الإسلام بالطفل وهو في رحم أمه، فيجب أن تهتم الأم برعاية الجنين الموجود في رحمها، فقد حرم الله إيذائه أو الإعتداء عليه، وأجاز الإسلام الإفطار للحامل في شهر رمضان، وذلك رحمة من الله بالطفل والأم ليكتمل نموه ويخرج للحياة بصحة جيدة.
- كما أوجب الإسلام النفقة على المطلقة إذا كانت حامل، والنفقة على الأم المطلقة أيضًا، فيقول الله تعالى (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)، وحرم الإسلام الزن وذلك للحفاظ على الأنساب، وهوية كل طفل وليعرف كل طفل أمه و أباه.
اقرأ أيضًا: أهمية الأسرة ومكانتها في الإسلام
حقوق الطفل في الإسلام بعد ولادته
كفل الإسلام للطفل العديد من الحقوق بعد ولادته، تلك الحقوق يجب أن يحصل عليها كل طفل، وأهمها ما يلي:
البشارة بالمولود الجديد
يجب على الوالدين أن يستبشروا بالمولود الجديد عند ولادته، وذلك من حقوق الطفل في الإسلام، ويكون ذلك دون التمييز بين الذكر والأنثى، بدون التفريق والتفضيل بين أحدهما على الأخر، كما ينبغي أن يقتدي المسلم بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويقوم بالأذان في أذن المولود اليمنى عند ولادته، ويقوم بالإقامة في أذنه اليسرى، كما أذن الرسول في أذن الحسن بن علي رضي الله عنه منذ ولادته.
حق الطفل في التسمية
من حقوق الطفل في الإسلام، أن يحسن الوالدين اختيار اسم المولود الذي سينادى به بين الناس مستقبلاً، كما جاء بقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم”إنكم تُدعَون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم؛ فأَحسِنوا أسماءكم”، ولهذا السبب لا بد أن يكون الوالدين حريصين على إطلاق اسم طفلهما، وأن يكون الاسم ذو معنى حسن، خفيفًا على اللسان، عذبًا في الأذن، وأن يكون الاسم ذو معنى، وإن كان الاسم سيئ فيحق للفرد تغيير اسمه، وذلك لحقه في منادته بأعذب الأسماء.
حق الطفل في الرضاعة
- يدرك الإسلام أهمية عملية الرضاعة لدى الطفل، فعملية الرضاعة هي عملية نفسية وجسمية، لها أثر كبير في التكوين الانفعالي والاجتماعي والجسدي في حياة كل إنسان، حيث يصبح الطفل الذي يخضع لعملية الرضاعة بأمان من الأمراض النفسية والجسدية مقارنةً بالطفل الذي يتغذى بجرعات الحليب الصناعي.
- لذلك فرض الله على الأم أن ترضع طفلها عامين كاملين إن ارادت، وجعل ذلك حق من حقوق الطفل، فيقول الله عز وجل﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ… ﴾ [البقرة: 233].
- كما أن البحوث الحديثة أثبتت أن فترة عامين ضرورية لنمو الطفل بطريقة سليمة من الجانب النفسي والصحي، فالطفل بعد خروجه للحياة يحتاج إلى التغذية الجسدية والنفسية، وذلك لأن حليب الأم يتميز بأنه كامل العناصر ويخلو من الميكروبات ويكسبه مناعة ضد الأمراض، كما أنه يحتوي على بروتينات تساعد في عملية الهضم بسرعة، كما يحتوي على العديد من المعادن كالبوتاسيوم، الصوديوم، الأملاح، ويحتوي أيضًا على الفيتامينات التي تساعده على النمو بصحة جيدة.
- أما على صعيد الصحة النفسية فتلك العملية تشعر الطفل بالأمان والحنان، وتقوي الرابطة بين الأم وطفلها.
حق الطفل في النسب
- ضمن الإسلام للطفل الحق في النسب وأن ينتسب الطفل لأبيه، وذلك ضمانًا لحقوق الطفل وألا يكون عرضة للجهالة، وألا يضيع حقه في الإرث والإنفاق.
- كما جاء في قول الله تعالى في كتابه العزيز”ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ ۚ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ۚ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا” (الأحزاب: 5).
- كما حرم الإسلام التلاعب بالأنساب ومحاولة إنتساب الابن لغير أبيه وترتب على ذلك عقاب شديد لمن يخالفه.
- قرر الإسلام أيضًا أن النسب لا يتم إثباته إلا بالولادة الحقيقية الناشئة عن علاقة غير محرمة، فلذلك جاء الإسلام بتحريم التبن ونفى أن يكون التبني سببًا لثبوت النسب، ولذلك يكون من حق الطفل أن ينسب إلى أبويه، ويجوز أن يتعهد أسر تتولى الأطفال ولكن في تلك الحالة يكونوا بمنزلة الأبناء وليس من قبيل التبني.
- فقد نفى الله التبني نفيًا مطلقًا كما جاء في كتاب الله عز وجل قوله تعالى: “مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ۚ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ ۚ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ۚ ذَٰلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ ۖ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ” (الأحزاب: 4).
اقرأ أيضًا: دور فقه الأسرة في بناء مجتمع مسلم سليم
حق الطفل في التعليم
التعليم هو من حقوق الطفل في الإسلام، فقد حرص الإسلام على ضمانة حق الطفل في التعليم وفرضه على كل مسلم، كما جاء بقول رسول الله صل الله عليه وسلم ( طلب العلم فريضة على كل مسلم)، كما أوجب الإسلام على الأباء تعليم أطفالهم، مع ضرورة مراعاة أن يتم إعطاء كل عمر ما يناسبه من جرعة التعليم التي تتوافق مع قدراته و مرحلته العمرية.
حق الطفل في اللعب
حق الطفل في اللعب من أهم حقوق الطفل في الإسلام، حيث دعا الإسلام المسلمين إلى ذلك وليس فقط حقه في اللعب بل أيضًا دعا الكبار أن يشاركوهم في ألعابهم، حيث أثبتت الدراسات الحديثة أهمية اللعب للطفل، فهو يبني للطفل فرصة لكي يتحرر من الواقع الملئ بالقيود والالتزامات والأوامر، كما ينمي العلاقات الاجتماعية عند الطفل وينمي إكتشافات الطفل، مما يساعده على الابتكار والتنمية.
حق الطفل في المساواة والعدل
يحث الإسلام الآباء على العدل والمساواة في المعاملة بين جميع الأطفال ذكورًا أو إناثًا وينفي التفضيل عمومًا، سواء كان بين الابن الأكبر وأخوته، أو تفضيل ابن على الأخر لأي سبب، ولأي نوع من التفضيل، فقد جاء قول الله تعالى “اعدلوا هو أقرب للتقوى” (المائدة:8)، وقد جاء الإسلام دون تفرقة بين الأنثى والذكر من الأبناء، لأن التفرقة بين الأطفال يمكن أن تؤثر سلبيًا على حياة الأطفال النفسية والاجتماعية.
بذلك نتبين أن حقوق الطفل في الإسلام متعددة، وقد كفل الإسلام للطفل العديد من الأمور من قبل ولادته، والتوعية بحقوق الطفل تعتبر مسئولية أفرد المجتمع جميعًا ومؤسساته، وهذا عن طريق المدارس والمساجد والإعلام، ضمانًا لحقوق الطفل وبناء مجتمع متكامل.