ستر العورة في الصلاة
أمر الله سبحانه وتعالى المسلمين بالحرص على الصلاة وبستر العورة في الصلاة، لما تضيفه الصلاة لحياة العبد من طمأنينة وراحة نفسية وتجعله غير مهتز النفسية عند الشدائد، ولذا سنتحدث في هذا المقال عن ستر العورة في وقت الصلاة، حيث أن الصلاة من أهم العبادات التي فرضت على العباد بل يمكن اعتبارها الأهم على الإطلاق، فهي صلة العبد بربه، وقد ذكرت الصلاة في القرآن الكريم حوالى مائة مرة، للدلالة على أهميتها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه والمسلمين بإقامة الصلاة، والمحافظة عليها، لأنها تهذب قلب العبد وتبعد عنه المعصية والفحشاء كما في قوله تعالى: وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر.
ستر العورة في الصلاة
يعتبر ستر العورة في الصلاة من أهم شروط صلاح الصلاة فلا تصلح الصلاة ولا تصح بإجماع رأي الفقهاء إلا بستر العورة، وتعتبر الصلاة من أهم وصايا النبي صل الله عليه وسلم أيضاً لأمته، وقد ذكر في حديث عن رواية عمران عن ابن عمران قول الرسول: “من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر، لم تزده من الله إلا بعدا”.
فالصلاة هي التي لا تنهي مصليها عن الفحشاء والمنكر، فهي بالطبع ليست نابعة من قلبه وليست صحيحة تماماً وليس فيها خشوع، ومن أهم ما تحققه الصلاة للعبد هو القرب من الله فالصلاة التي لا تقرب العبد من ربه ليست صلاة صحيحة لأن الصلاة من المفترض أن تحقق القرب تجاه الله والأنس برفقة ومعية الله، وتعتبر ستر العورة من شروط صحة الصلاة، لذا نتناول بالتفصيل ستر العورة لكل من الرجل والمرأة.
أقرأ المزيد: علامات الساعة الصغرى والكبرى بالترتيب
ماهية العورة
قبل أن نتطرق للحديث عن ستر العورة في الصلاة لابد أن نتعرف على ماهية العورة، فالعورة لدى العديد من الفقهاء وعلماء الدين والمشايخ تعرف على أنها أجزاء الجسم التي لابد أن يسترها الإنسان عن الآخرين وخاصةً الإنسان المسلم، لأن الله فرض عليه ستر عورته عن غيره وذلك يوضح مدى احترام الدين الإسلامي للإنسان وتكريمه له عن سائر المخلوقات التي لا تمتلك عقل والتي لا تستر عورتها عن بقية جنسها.
تختلف عورة المرأة عن عورة الرجل، وقد تم تحديد مناطق العورة لجنسين، امتثالاً لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية.
عورة الرجل
ستر العورة في الصلاة أمر لابد منه لكلاً من الرجل والمرأة، وعورة الرجل التي تم الإجماع عليها من خلال عدة فقهاء تتمثل في المنطقة ما بين السرة والركبة، وهذا يعني أن الرجل يجب عليه أن يغطي المنطقة ما بين السرة والركبة، حتى تصلح صلاته بل ويُفضل ألا يكشف الرجل هذه المنطقة حتى في التعاملات خارج الصلاة، وذلك، لأن هذه المنطقة عورة ولا يصح لها أن تنكشف على أحد.
عورة المرأة
لابد للمرأة أيضاً القيام بستر العورة في الصلاة حتى تقبل صلاتها بل قد كرم الله المرأة أيضاً في حياتها اليومية بفرضه الحجاب عليها، حتى يكون ساتراً لها عن أعين الناس، فالمرأة معززة في القرآن، ومن العورة التي أجمع عليها علماء الدين أنها يجب أن تنستر أثناء الصلاة أمام الرجال الأجانب، ممن لا يعتبروا من محارمها فقد أجمع العلماء أن عورة المرأة تشمل كامل الجسد عدا الوجه والكفين، وتوجد بعض الآراء أيضاً في هذا الموضوع، ويعتقد بعض العلماء أن ستر الوجه والكفين أيضاً مستحب، ويرى بعض العلماء أن الصلاة قد لا تصح بكشف القدم، فلابد للمرأة أن ترتدي جلباباً طويلاً يغطى قدميها وكعبيها أو أن ترتدى جورباً، حتى لا تنكشف قدميها، وتكون صلاتها صحيحة بإذن الله تعالي.
لما يجب ستر العورة في الصلاة؟
هناك بعض الأسباب التي تم الإجماع عليها من مشايخ الدين الإسلامي، والتي توجب ستر العورة في وقت الصلاة لكلاً من الرجل والمرأة ومن هذه الأسباب:
- صحة الصلاة فستر العورة من شروط صحة الصلاة وانكشافها قد يؤدى لعدم صحة الصلاة أو بطلانها، ويعتقد البعض بوجوب إعادة الصلاة في حالة انكشاف العورة.
- ستر العورة من الأمور التي تشعر المسلم بالطمأنينة، وتساعده في تحقيق الخشوع أثناء صلاته، لأنه يكون مطمئناً، مما يساهم في أداء الصلاة بشكل أفضل وبطريقة صحيحة فيها خشوع وتركيز أثناء أداء العبادة.
- ستر العورة من الأمور التي توحي بالخجل والحياء، والتي هي صفة محببة في الدين الإسلامي، فالحياء من الأمور التي تجعل الشخص يخشى ويخجل ارتكاب الذنوب، لخجله من الله ومن غضب الله تجاهه.
- الله سبحانه وتعالى يحب الحياء والستر، ولابد للمؤمن من ستر نفسه، تقرباً وطمعاً في حب الله له ورضاه عنه.
- يعكس الستر قيم الحياء التي يتمتع بها الفرد في المجتمع وقيمه الدينية الإسلامية التي يتمتع بها.
كيف يمكن ستر العورة في الصلاة؟
توجد بعض النصائح لكى تقوم بستر العورة، حتى تقبل صلاتك وتكون صحيحة ومن هذه النصائح:
- الألبسة الغير شفافة الواسعة الفضفاضة التي لا تشف ولا تصف الجسم، حتى تكون الصلاة صحيحة وغير باطلة.
- تجنب الملابس الضيقة لأنها من مبطلات الصلاة، وقد تحتاج لإعادة الصلاة مرة أخرى من أجل ذلك.
- يجب أن تتحقق جيداً من سترة جسدك بالكامل قبل البدء في الصلاة، حتى لا تحتاج لإعادتها مرة أخرى، وحتى تكون مقبولة بإذن الله.
- إن كنت ترتدى ملابس غير مناسبة للصلاة، فينصح بتغييرها أما بالنسبة للسيدات، فينصح بحمل الجلابيب الواسعة معهن في أي حقيبة، حتى تستطيع الصلاة في أي وقت حتى إن كانت ملابسها غير مناسبة للصلاة.
حكم ستر العورة في الصلاة
يعتبر ستر العورة في الصلاة من الأمور الواجبة التي لابد أن تقوم بها، ولا يوجد خلاف على ذلك، فهي شرط واجب، لتحقيق صحة الصلاة، ومن الأحكام التي اجتمع عليها الفقهاء، ولا يوجد خلاف عليها:
- ستر العورة يأخذ وجوبية في ضرورة تحقيقه من أجل صحة الصلاة.
- يعتقد البعض في وجوب التفريق بين العورة التي تكون مخففة، والعورة التي تكون مغلظة، فالعورة المخففة قد تكون أقل في وجوب سترها عن المغلظة، ولابد من التأكيد والتشديد على تغطية العورة المغلظة جيداً.
أقرأ المزيد: ما هي المذاهب الاربعة
آراء علماء الدين حول وجوب ستر العورة في الصلاة
تتعدد آراء العلماء والفقهاء حسب المذهب الذي ينتمي له عالم الدين أو الشيخ أو الفقيه كالتالي:
- المذهب الحنفي: يؤكد أن عورة الرجل كما ذكرنا سابقاً هي المنطقة ما بين السرة والركبة، وعورة المرأة كامل جسدها باستثناء الوجه والكفين.
- المذهب المالكي: يرى فقهائه أن المرأة عورتها تكمن في كامل جسدها ماعدا الوجه والكفين.
- المذهب الشافعي: يتفق مع المذاهب السابقة في عورة الرجل لكنه يضيف لعورة المرأة القدمين، فلا تصح الصلاة دون تغطية القدمين.
- المذهب الحنبلي: يتفق مع جميع المذاهب السابقة في تغطية المرأة لكامل جسدها، وتغطية الرجل لما بين الركبة والسرة.
في النهاية لا يمكننا أن ننكر أن ستر العورة في الصلاة من الأمور التي لا يختلف عليها أحد من علماء الدين، هي شرط لسلامة الصلاة وصحتها، كما أنها تعد احتراماً لله الذي خلقك، فأنت تقف بين يديه أثناء تأدية الصلاة.