تاريخ الفقه الإسلامي كبير وواسع كما أنزل الله عز وجل القرآن الكريم ليكون سبب في هداية الناس، وليساعدهم في التعرف على بيان أحكام الدين وتشريعاته، ويعد القرآن الكريم أول مصدر من مصادر الأحكام الشرعية، ويلية السنة النبوية؛ حيث جاءت السنة النبوية لتؤكد لما جاء من مجملًا في القرآن الكريم ومفصِلة له، كما أنها مبينة للكثير من الأحكام الجديدة التى لم ترد في القرآن الكريم، فكان القرآن الكريم وسنة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في زمنه هما المرجع الأساسي لمعرفة الأحكام، وكان يؤخذ منهما الفقه كما سنتعرف فى هذا المقال عن أكثر المعلومات التى قد تفيدك عن تاريخ الفقه الأسلامى.
تاريخ الفقه الإسلامي
بعد وفاة الرسول صل الله عليه وسلم عليه الصلاة، كانوا الصحابة رضي الله عنهم يساعدوا المسلمين على معرفة أحكام دينهم في كل أمر قد يحتاجون إليه في عبادتهم ومعاملاتهم، الخاصة وخصوصا بعد توسع البلاد الإسلامية، كما كثرت الأحداث والمستجدات، فكان الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، إذا سئل أحدهم عن أمر ولم يجد حكمه في القرآن الكريم، ولا حتى في السنة النبوية الشريفة كانوا يجمعون من اشتهر بالعلم من فقهاء الصحابة، واستشارتهم.
وكانوا يحثون قضاتهم وولاتهم على الاجتهاد فيما لم يجدوا له حكمًا في القرآن، لذا مع عهد التابعين وتابعيهم، اتسعت رقعة الدولة الإسلامية، ودخل في الإسلام الكثير من غير العرب، فنشأت من هنا وقائع ومسائل كثيرة في مختلف شؤون الحياة، فاتسع ميدان التشريع، وزادت الحاجة إلى تدوين مسائل الفقه وأحكامه، وكانت هذه هي بداية تدوين الفقه القرن في نهاية القرن الأول الهجري، ووصل إلى مرحلة النضج والاكتمال في القرن الثاني الهجري مع ظهور المذاهب الفقهية.
اقرأ أيضًا: فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج
أهمية علم تاريخ الفقه:
تاريخ الفقه الإسلامي يشكل أهمية كبيرة في حياة الفرد والأمة كما قالها أبن حميد النجدي(االتاريخ فن ظريف يحبه كل ذي طبع لطيف) وقال الأمام الشافعى أيضا رضى الله عنه(من حفظ التاريخ زاد عقله) وذلك لأن التاريخ له فوائد ومنافع عظيمة وكبيرة كما أن علم تاريخ الفقه الإسلامي هو من صميم الدراسات والتخصصات الفقهية.
لذا فمن الضروري على طالب العلم أن يكون على دراية كبيرة وكافية بهذا العلم، وأن يتضلع منه، وذلك لأنه علم جليل، عظيم النفع، وهو جزء لا يتجزأ من علم الفقه ذاته، وله أهميته عالية، فمن أهم فوائده للمتفقه عليها هو ما يلي:
الصبر على التفقه
للتعرف على تاريخ الفقه الإسلامي يجب عليك الصبر وعدم الملل أو الانقطاع، ومن أهم الفوائد المستنبطة من قصة نبي الله موسى عليه السلام مع الخضر، وهذه القصة من أهم القصص التى قد تساعدك وتجعلك تدرك أن الصبر أهمية كبيرة ومن أهم الصفات التى يجب أن يتحلى بها الإنسان، كما أن السبب الأساسي للتحلي بالصبر هو إحاطة الإنسان بالعلم والخبرة.
بذلك الأمر الذي أمر بالصبر عليه وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر، كما في قول الله تعالى: ﴿ وكيف تصبر علَى ما لم تحط بِه خبرا ﴾، فجعل الموجب لعدم صبره، عدم إحاطته خبرا بالأمر أو كما يقول الفخر الرازي: استبعد الخضر حصول الصبر على ما لم يقف الإنسان على حقيقته.
توسيع المدارك
مما لا شك فيه أن المطلع على تاريخ علم من العلوم يزداد به البصيرة، ويتسع به الفقه، ويعلم ما طرأ عليه في مختلف العصور، وقد مر قول الإمام الشافعي: من حفظ التاريخ زاد عقله كما يساعد التعرف على تاريخ الفقه الإسلامي في زيادة الثقة والاطمئنان لما توصل إليه من أحكام، وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية إن معرفة أصول الأشياء ومبادئها ومعرفة الدين وأصله وأصل ما تولد فيه من أعظم العلوم نفعا.
وإذ المرء ما لم يكتسب علما بكافة حقائق الأشياء التي قد يحتاج إليها يبقى في قلبه حسكة أى حسرة و شوك وقلق لذا يجب عليك التعرف على أقدار الفقهاء ومراتبهم، وفي هذا السياق، يقول الفخر الرازي: “كلما زادت إحاطة الشخص بالعلوم، زاد علمه بما تحمله من بهجة وسعادة”. لذلك كان طلبه للعلم أكثر إلحاحاً، وتعظيمه لأهل العلم أعمق وأشد.
اقرأ أيضًا: ما هي الأحكام الفقهية للاستحاضة
ماهو تاريخ الفقه الإسلامي
تطور الفقه الإسلامي بشكل كبير على مر الزمان على عدة مراحل وهي كالتالي:
عصر النبوة
إن عصر النبوة هو العصر الأساسي الذي بني عليه الدين كله بالكامل، كما أكمل الله عز وجل فيه الدين فقال تعالى 🙁 اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا كاملا) وفى هذا العصر قد نلاحظ ما يلي:
- يأمر الله سبحانه وتعالى بالعبادة في القرآن، ثم يأتي البيان في القرآن أو في السنة كما تأتي الأحكام مفصلة مثل أحكام المواريث والأسرة من زواج وطلاق
- يسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض الوقائع التي تنزل بهم فيزل الله الحكم إما في كتاب القرآن الكريم أو بالسنة.
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتهد كثيرا في بعض المسائل التي تقع أو تعرض عليه، فينزل الوحي إما مقرا له أو مصوبا لاجتهاده .
- اجتهد بعض الصحابة رضى الله عليهم في بعض المسائل التي وقعت لهم ولم يكن استطاعة لعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا حضروا عنده أخبروه الخبر فيصيب بعضها ويخطئ بعضهم .
عصر الصحابة
هذا العصر بدأ منذ وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وامتد حتى نهاية القرن الأول للهجرة تقريبا وفي هذا العصر سار الصحابة على المنهج الذي وضعه النبي صلى الله عليه وسلم في الاستنباط والاجتهاد، فكانوا ينظرون فيما يعرض لهم من مسائل هل ورد فيها نص من كتاب أو سنة فيأخذون به فإن لم يظفروا بشيء من ذلك اجتمعوا وبحثوا الأمر ويجتهدون ويصدرون الحكم .
عصر التابعين
بدأ هذا العصر بوفاة الصحابة رضوان الله عليهم في الفترة ما بين عام 90 إلى 100 للهجرة، وهناك من يرى أن بداية هذا العصر كانت مع تولي معاوية رضي الله عنه الخلافة خلال هذه الفترة برز تلاميذ الصحابة من التابعين، ومن أبرزهم سعيد بن المسيب، فقيه المدينة الذي كان يُلقب براوية عمر بن الخطاب لعلمه الواسع بقضايا رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، كما ظهر عروة بن الزبير، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح فقيه مكة، وإبراهيم النخعي فقيه الكوفة، وغيرهم من العلماء
عصر التدوين والأئمة المجتهدين
يبدأ هذا العصر من أوائل القرن الثاني الهجري، وأمتد إلى منتصف القرن الرابع، ويتميز بظهور المذاهب الفقهية و تدوين الفقه فبرز بعض العلماء الذين اشتهروا بالعلم، وكان لهم الكثير من التلاميذ الذين أخذو منهم العلم مثل الأوزاعي وسفيان بن عيينة، وإسحاق بن راهويه، وأبو حنيفة ومالك بن انس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل وداوود الظاهري وغيرهم.
عصر الجمود والتقليد
يمتد هذا العصر من منتصف القرن الخامس الهجري وينتهي بسقوط بغداد، حيث اعتقد أهل هذا الزمن أن المذاهب الفقهية قد استقرت وأن أصولها كافية لتطبيق الشريعة، مما أدى إلى حصر الشريعة في نصوص الفقهاء وأقوالهم، وظهور التعصب المذهبي، تميزت هذه الفترة بازدهار حركة التدوين، حيث ظهرت المتون الفقهية والمختصرات والشروح والحواشي عليها، كما برزت كتب الفتاوى وتقنين الفقه، وفي هذا العصر ظهر علماء مثل شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، الذين حاربوا التقليد ودعوا إلى الاجتهاد.
اقرأ أيضًا: ما هي مصادر فقه المعاملات
العصر الحاضر
في هذا العصر وقع الكثير من التجديد للفقه الإسلامي، كما تمثل فيه الدعوة إلى الاجتهاد والاستنباط والبعد عن التقليد المذموم، وأسست الجامعات التي تهتم بتدريس فروع علوم الشريعة، وتدرجت في الدرجات العلمية إلى الدكتوراه، وكثرة المؤلفات الفقهية والشروحات والأبحاث المتخصصة في جزئيات الفقه وبأسلوب موسع، وتأسست المجامع الفقهية، وظهر الاجتهاد الجماعي .
وفى نهاية المقال نكون قد تعرفنا على تاريخ الفقه الإسلامي ومراحل تطوره عبر الزمان وكيف ساهم في آرثاء أحكام الإسلام على مر تاريخ من خلال التطور الكبير الذي حجث في فهم وشرح الأحاديث والآيات القرآنية على أيدي علماء بارعين.