تعتبر زيارة القبور للنساء من الأعمال التي تحمل دلالات روحية واجتماعية عميقة، حيث تذكر الإنسان بالآخرة وتحثه على التأمل في الحياة والموت، وقد اختلف الفقهاء في حكم زيارة القبور للنساء بين من يراها مستحبة ومن يحرمها، ويستند كل جانب إلى نصوص شرعية وآراء فقهية تتعلق بالأدلة العامة مثل الأحاديث النبوية التي تتناول موضوع القبور، وفي هذا المقال سنستعرض الآراء المختلفة حول حكم زيارة النساء للقبور مستندين إلى الأدلة الشرعية وآراء الفقهاء لنساعد في فهم هذا الموضوع بعمق وموضوعية.
اقرأ أيضًا: فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج
تعدد الآراء حول حكم زيارة القبور للنساء
تباينت آراء الفقهاء بشأن حكم زيارة القبور للنساء، حيث ذهب بعضهم إلى جوازها، بينما كرهها آخرون واعتبرها البعض محظورة، وفيما يلي نوضح هذه الآراء:
جواز زيارة النساء للقبور
يجوز للمرأة زيارة القبور شريطة ألا يكون هناك ما يتعارض مع الشريعة أو يتضمن بدعًا، حيث تعتبر هذه الزيارة وسيلة للعظة والتذكير بالموت والآخرة، بالإضافة إلى الدعاء للمتوفين والترحم عليهم وهذا هو رأي بعض فقهاء الشافعية وجمهور الحنفية في حكم زيارة القبور للنساء.
وقد استند أصحاب هذا الرأي إلى عدة أدلة من السنة النبوية وأفعال الصحابة، ومن هذه الأدلة ما يلي:
- حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما مر على امرأة تبكي عند قبر ابنها قال لها “اتقي الله واصبري” وعندما ردت عليه بأنه لم يصب بمصابها، أخبرت بأنه النبي فذهبت لتراه، وعندما قالت “لم أعرفك” أوضح لها “إنما الصبر عند الصدمة الأولى”، وهذا الحديث يدل على إقرار النبي (صلى الله عليه وسلم) لفعلها وعدم إنكاره عليه.
- قول أم المؤمنين عائشة سألت النبي (صلى الله عليه وسلم) ماذا تقول إذا زارت المقبرة، فقال “قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون” من هذا الحديث يتبين أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أقر عائشة (رضي الله عنها) على دخولها المقابر والدعاء وهذا يدعم جواز زيارة النساء للقبور.
- رواية أبي هريرة (رضي الله عنه) حيث زار النبي (صلى الله عليه وسلم) قبر أمه وبكى وأخبر أنه استأذن ربه في الاستغفار لها فلم يؤذن له، ولكن أذن له في زيارة قبرها وقال “فزوروا القبور فإنها تذكر الموت” من هذا الحديث يظهر أن الزيارة لتذكر الآخرة تشمل الرجال والنساء على حد سواء.
- زيارة عائشة (رضي الله عنها) لقبر أخيها وزيارة فاطمة لقبر حمزة كل أسبوع، وتعتبر هذه الأفعال من عادات الصحابة التي يمكن الاقتداء بها.
اقرأ أيضًا: ما هو حكم صيام المسافر
كراهية زيارة النساء للقبور
يكره للمرأة زيارة القبور ولكن إذا قامت بذلك فلا تأثم وهو رأي عام لدى الشافعية والحنابلة، واستند أصحاب هذا الرأي إلى عدة أدلة من السنة النبوية مثل ما ورد عن أم عطية حيث قالت “نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا” وهذا يدل على أن النهي يفهم على أنه كراهة وليس تحريمًا.
اقرأ أيضًا: حكم صيام الست من شوال
حرمة زيارة النساء
تعتبر زيارة النساء للقبور محرمة ومن تفعل ذلك تكون آثمة وهو ما يذهب إليه ابن تيمية وابن القيم، وقد استدل أصحاب هذا الرأي بأدلة من السنة والمعقول منها:
- حديث عبدالله بن عباس (رضي الله عنهما)، حيث قال “لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زوارات القبور” وهذا يعتبر دليلًا على حرمة هذا الفعل.
- قول أم عطية (رضي الله عنها) حيث ذكرت أنها “نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا” مما يفهم منه أن النهي هنا يُشير إلى التحريم.
- يعتقد أن طبيعة المرأة تجعلها أكثر تأثرًا وعاطفية الأمر الذي قد يؤدي إلى مشكلات عدة عند زيارتها للقبور كما أن تكرار هذه الزيارات قد يجعل المقابر مزدحمة بالنساء.
وفي نهاية المطاف نكون قد استعرضنا حكم زيارة القبور للنساء وآراء الفقهاء إزاء هذا الموضوع.
