فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج
إن فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج هو الأساس الذي تستند عليه التعاملات الأسرية وفقا للشريعة الإسلامية والذي يساعد على استقرار المجتمع ويعمل على تطوره بالشكل المطلوب، ويقصد بالزواج ذلك الوثاق المقدس الذي يربط بين رجل وامرأة ويكون البداية لتكوين أسرة صالحة غايتها اتباع الفرائض والقواعد الدينية التي تخرج أجيال صالحة تفيد نفسها ومجتمعها.
وفي هذا المقال سوف نتعرف معا على فقه الأسرة فيما يتعلق بالحياة الزوجية والأحكام التي تنظم هذه العلاقة.
فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج
لا شك أن الأسرة هي النواة الأساسية التي تبنى عليها المجتمعات وهي حجر الأساس الذي يبدأ بعلاقة بين شخصين يتم الارتباط بينهما من خلالها وهي الزواج وتكبر هذه الأسرة ويزيد عدد أفرادها بالأبناء الذين يحرص كل من الزوجين على أن يتم نشأتهم على تعاليم الدين وفرائضه.
وتكوين الأسرة هو سنة الله الكونية التي خلقها حتى يعمر الإنسان الأرض ويتكاثر فيها حتى يأتي من ذريته أبناء صالحين يتسلمون راية التعمير في الأرض بما يرضي الله ورسوله ووفقا للشريعة الإسلامية.
ومن المعروف في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج أن الاستقرار في الأسرة هو الذي يساعد في الأساس على استقرار المجتمع وإعطائه السكينة المرجوة التي تؤهله لأن يكون مجتمعًا صالحصا غير فاسد بعيدا عن الأخلاقيات الشائنة التي لا يرضاها الله عز وجل.
أهمية الالتزام بالأحكام الشرعية في الزواج
الحياة الزوجية لا تسير بشكل عبثي ولكن لها أحكام شرعية تحكمها جاءت في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج حتى تستطيع أن تستمر بين الزوجين دون أن يطغى أحدهما على الآخر فيما يتعلق بالحقوق والواجبات وحتى لا يتعرض أحد الطرفين الظلم وبالتالي تكون العشرة مستحيلة وينتهي هذا الزواج بالكراهية ومن ثم الطلاق فتنهدم الأسرة.
وإذا افترضنا أن هذه الأحكام المنظمة ليست موجودة فنجد أن نسب الطلاق سوف تزيد بشكل كبير ونصل إلى مجتمع مفكك يعاني من الكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية، لذلك كان الالتزام بالأحكام الشرعية فيما يتعلق بمنظومة الزواج والانصياع لما ورد بالقرآن والسنة أمر واجب من شأنه أن يحافظ على كيان الأسرة ويحفظها من التفكك، فعندما يلتزم كلا الزوجين بحقوقه ومسئولياته تجد أن الأسرة مستقرة.
ما هي أخلاقيات الزواج؟
تجسدت الحياة الزوجية بكل تفاصيلها في السيرة النبوية فقد تعلمنا من الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يعامل زوجاته وكيف كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تتعامل كزوجة وكيف كان التفاهم والمودة بينهما، وقد ذكر في السيرة كل ما يتعلق بمسئوليات الزوجين تجاه بعضهما البعض من خلال المواقف التي كان يحرص الرسول أن يخبرنا بها ليعلمنا كيف تكون المعاشرة بين الأزواج بالمعروف.
من أهم أخلاقيات الزواج كما جاء في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج الالتزام بالواجبات الخاصة بكل من الزوجين وعلى الزوج أن يعرف معنى القوامة والمسئولية عن المنزل بأكمله فهو المنوط به الإنفاق على البيت وحماية أهله وعدم تعرضهم للسوء طالما أنهم في بيته.
الزوجة أيضا عليها أن تدرك واجباتها تجاه الزوج وهي الطاعة وتوفير الراحة والتعامل باللين والرفق ومساندة الزوج في السراء والضراء وعدم التخلي عنه في مقابل أن يلتزم هو بتأدية حقوقها، وكل هذا بالإضافة إلى الحقوق الشرعية التي يجب على كل من الطرفين أن يؤديها للآخر ولا يجب أن يقصر أي منهما في إعطاء شريكه حقه الشرعي وإلا كان آثما لأن الزواج في الأساس مبني على المودة والرحمة وليس على إجحاف الحقوق.
حقوق الزوجين على بعضهما
في البداية وقبل أن تبدأ الحياة الزوجية يجب على الرجل أن يظهر قوامته وإخلاصه للمرأة وحبه لها وأن يوفيها حقوقها المادية عند عقد القران بأن يؤدي إليها أو إلى وليها مقدم الصداق المتفق عليه حتى يشعرها بحبه لها، فالصداق هو الهدية التي ترمز إلى مدى تقديره لزوجته.
ومن المهم أن تبدأ الحياة الزوجية على المودة والألفة فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشارك زوجاته في الأعمال المنزلية ويقوم بتدليلهن، فكان ينادي السيدة عائشة بالحميراء أي ذات الوجه الأحمر، وكان يلعب معها ويمازحها وهذه الخصال الحميدة من شأنها أن توطد العلاقة بين الزوجين وتزيد أواصر المحبة بينهما.
من أهم حقوق الزوجين وفقا لما جاء في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج كتمان السر وعدم إفشاء سر أحدهما للآخرين، كما أن حسن الخلق في التعاملات واجب فإذا احتد النقاش بينهما لا يجب على الزوجة أن تقف أمام زوجها ندا بند ولا يجب أيضا على الزوج أن يستخدم قوته ويبطش بها أو يسيء إليها، ويجب أن يعي كل منهما أنه عند الخلاف يجب التحكم في النفس والسيطرة عليها حتى لا تخرج من أحدهما سلوكيات توغر في صدر الآخر وتولد الكراهية والنفور مع مرور الوقت، فحسن الخلق هو الأساس الذي تعمر البيوت به.
أحكام الزواج في فقه الأسرة
الزواج هو مؤسسة شرعية يجب أن تبنى على أسس قوية تتيح لهذه المؤسسة أن تستمر مدى الحياة وألا تتعرض للانهيار بسبب أنها لم تبنى في البداية على أساس قويم، ومن أهم الأحكام في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج و التي يجب أن نحرص عليها ما يلي:
- يجب أن يحسن الزوج اختيار زوجته والعكس فمن المهم أن يتم اختيار الشريك أولا على أساس الدين والأمانة وحسن الخلق وأن يكون الشخص حافظا للفروض ومقيما للصلاة.
- من المهم قبل الإقبال على الزواج أن يجتهد كل منهما في التعرف على مقاصد الزواج وأحكامه الشرعية حتى يستطيع كل منهما أن يعرف ما له من حقوق وما عليه من التزامات تجاه الطرف الآخر حتى يستطيعا أن يعيشا حياة زوجية ترضي الله عز وجل.
- التكافؤ بين الزوجين من الأمور المهمة التي لا يجب إغفالها سواء كان هذا التكافل في المستوى الاجتماعي أو التعليمي، وهذا الأمر مهم في إحداث التفاهم والتقارب والقدرة على التعايش مع بعضهما لأن عدم التكافؤ قد يولد بعد فترة عدم تفاهم ومن ثم يحدث التنافر وعدم القدرة على استمرار العشرة وقد يحدث الطلاق.
- يجب أن يؤدي كل من الزوجين حقوق الآخر وأن يعفه ويحميه من الوقوع في الرذيلة لأنه واجبه أن يؤدي حقوقه الشرعية، وفي المقابل لا يجوز لأحد الزوجين أن يخون الآخر وأن يرتكب الفواحش فالإخلاص هو أساس الحياة الزوجية.
تابع المزيد: كيفية بناء حياة زوجية سعيدة
مقاصد الزواج والغاية منه
بناء على ما ورد في القرآن والسنة عن فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج فإن أهم مقاصد الزواج هي تحقيق السكينة والألفة وقيام العلاقة الزوجية على المودة والرحمة التي أمرنا الله بها حتى يمكن بناء أسرة سوية صحيحة من الناحية النفسية والاجتماعية والأخلاقية ومن ثم تربية أبناء هذه الأسرة على الأخلاقيات الدينية القويمة.
وعندما تستحيل العشرة بين الزوجين ولا يستطيع أي منهما أن يكمل هذا الزواج يجب أن تكون الأسباب قوية ويجب أن يتم التدخل من الأهل الذين يملكون الحكمة لمحاولة الإصلاح، وعندما تستحيل العشرة يجب أن يكون الفراق بإحسان وأن يؤدي الزوج إلى زوجته حقوقها وألا يمسكها ظلما وقهرا ويجب أن يعطيها نفقتها التي أجازها لها الشرع والقانون.
بهذا نكون قد تعرفنا على أهم أحكام ومقاصد الزواج وفقا لما جاء في فقه الأسرة وأخلاقيات الزواج.