موانع صحة العبادات
موانع صحة العبادات يقصد بها الأمور التي تحيل بينك وبين قبول عملك عند الله سبحانه وتعالى، فقد خلق الله مخلوقات الكون بأكمله من أجل العبادة والتدبر في ملكوت الله، أي أن الأمر لا يقتصر على الجانب البشري فقط، إنما يمتد ليشمل جميع المخلوقات، وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، أي إن مخلوقات الله جميعًا تقدسه وتحمده، ومن هذا المنطلق فإن العبادة يلزمها أسس ومعايير لابد من اتباعها، وإن تم الإخلال فيكون بمثابة مانع لقبول العبادة من العبد إلى الله، لذا يقتضي بنا الأمر أن نشير إلى أهم الموانع التي تمنع قبول الأعمال التعبدية عند الله عز وجل، وذلك تفصيلًا من خلال السطور القادمة.
موانع صحة العبادات
هناك العديد من الأعمال التي تمنع قبول العبادة إلى الله، ومن ثم فإن الإقدام على تلك الموانع، يترتب عليها عدم قبول الطاعات، وأعمال العبادة بصور عامة، نظرًا لأن تلك الموانع من شأنها أن تؤثر على النزعة الدينية للعباد، ومن ثم فإن الإقدام على عبادة من عبادات الله عز وجل، لا يتم قبولها، إنما توضع لها جزاءات في الدنيا والآخرة.
الشرك بالله
أولى موانع صحة العبادات تتمثل في الشرك بالله، ويقصد به هو اتخاذ شريك مع الله سبحانه وتعالى في العبادة وقبول الطاعات، حيث يتخذ المشرك لنفسه ندًا مع الله، ويقدم له القرابين، والذبائح، وغيرها من الأعمال التي يعتقد من خلالها أنه بذلك يتقرب لله، وعليه فتنقسم أنواع الشرك إلى عدة أقسام، وهي:
شرك في الربوبية
هي واحدة من صور الشرك الأكبر، ويقصد بالشرك في الربوبية، هو نسب الصفات الربانية إلى غير الله سبحانه وتعالى، فهو شرك بالله، وتتمثل الصفات الربوبية حول الرزق، العطاء، المنع، الحياة، الممات، وغيرهم من صفات الله وقدرته الجلالية، التي يشرك البعض بها وينسبها إلى غير الله، وعليه فكل من أشرك بربوبية الله فلا يمكن قبول طاعته وعبادته.
شرك في الألوهية
يقصد بالشرك في الألوهية، أي اتخاذ شريك في العبادة مع الله عز وجل، واتباع شرائع أخرى بخلاف الشرائع السماوية التي أنزلها الله على عباده، وهي أيضًا من صور الشرك الأكبر، لذا فإن من يتخذ مع الله خليلًا فقد أشرك بالله، ومن ثم لم تقبل طاعاته ولا عبادته.
شرك في الأسماء والخصائص الإلهية
يقوم المشرك بالله باتخاذ ندًا أو شريكًا لله سبحانه وتعالى، وأن يساوي المشرك بين الخصائص والصفات الإلهية بين الله وبين عباده، أي أن عقله يهيء له المساواة بين صفات الرحمن، وبين صفات المخلوقات، وأن ما يقدمه العباد من طاعات هي نفسها ما يقدمها الله، وأن عرش الرحمن عز وجل، غير مقدس، ومقامه كمقام البشر، وعليه فإن أقدم المشرك على تلك الآثام فلا يمكن قبول طاعاته، وتعد أحد موانع صحة العبادات.
الرياء والمباهاة
سبقت الإشارة إلى ثلاثة صور من الشرك الأكبر، أما الشرك الأصغر، فهو منشق من الشرك الأكبر، وينصب حول عدة صور، يتمثل أولها في الرياء والمباهاة، ويقصد بها التباهي والتفاخر عند الإقدام على عبادة أو طاعة إلهية، حيث يرغب العبد في الشكر والثناء من قبل العباد على عمله، أي أنه يقدم عمل لله ولكنه يرغب بالثناء من العباد، فهو أحد أنواع الشرك الأصغر لله عز وجل، وعليه فإن الله لا يقبل أي عمل يرتبط بالرياء أو المباهاة.
ترك الصلاة
الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادة، وإن التخلي عن إقامتها هو ثاني صور الشرك الأصغر، فكيف يمكن للعبد أن باستمرار حياته دون أداء فريضة الصلاة؟ لماذا ينتظر الرزق والمال من الله عز وجل؟ وهو لا يسعى إلى الإقدام على طاعته، فقد أشار رسولنا الكريم إلى أن الفاصل بين الشرك والطاعة هو ترك الصلاة وعدم أدائها، ومن هذا المنطلق فيمكننا القول إن كل تارك للصلاة فهو مشرك بالله عز وجل.
القسم بغير الله
أحد موانع صحة العبادة، ألا وهي القسم بغير الله سبحانه وتعالى، وهي واحدة من صور الشرك الأصغر الذي يتنافى مع كمال الله وعظمته وألوهيته، فقد نبه رسولنا المختار أن القسم بغير الله هو شرك صريح لا جدال فيه، والقسم بغير الله، هو قسم اليمين بأي مخلوق آخر معاذا الله.
اقتراف الآثام والكبائر
بعد أن تعرفنا معكم على صور الشرك بالله، وأنها أحد موانع صحة العبادات، فإن اقتراف الآثام والكبائر هي عائق بين العبد وبين قبول الطاعة إلى الله عز وجل، وتنقسم الآثام والكبائر إلى عدة صورة، تتمثل فيما يلي:
استحلال الربا
الربا هو أحد الآثام الكبرى التي حرما الكتاب والسنة، فمن أقدم على استحلال الربا والتعامل به، فهي من موانع صحة العبادات، ولا يتم قبول عمله، ويظل الربا حائلًا بين العبد وبين ربه، ويقصد بالربا، هي كل زيادة في الأموال والتعاملات بين العباد وبعضهم، على سبيل المثال: عند الضيق والحاجة إلى بعض الأموال، ومن ثم الحصول عليها من مصدرًا ما، ولكن هذا الأخير يفترض شرط الزيادة في قيمة المال عند رده، وهو أمر محرمًا تحريمًا جذريًا.
بطران النعم وجحودها
أثنى الله علينا بنعم لا مثيل ولا حصر لها، فإن إنكار وجودها، أو التبطر على ما أنعم الله علينا به، يعد من موانع صحة العبادات، حيث إن الله أكرم جميع خلقه، وجعلنا في أبهى الصور، فإن الواجب نحو ذلك، هو الشكر والثناء على ما أنعمه الله علينا، وليس البطران والإنكار بأن تلك النعم لا فائدة منها معاذا الله.
إهلاك الحرث والنسل
من أشد الآثام والكبائر التي يفتعلها العباد في حقوق بعضهم البعض، وهي إهلاك الحرث والنسل، حيث يقصد بالحرث، الزروع، وهي كل ما ينتفع به العباد لاستمرار الحياة من حيث المأكل والغذاء، أما النسل فهم الأبناء، فهناك من العباد الذين أهلكوا الحرث عن طريق حرقها وإتلافها، وهناك من يهلكوا الأبناء من خلال قتلهم، وهي أكبر الكبائر عند الله سبحانه وتعالى، وهي مانع رئيسي لقبول الطاعات.
تابع المزيد: مبطلات الحج للنساء وأهم المناسك
الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف
هناك بعض من العباد الذين أعمى الله بصيرتهم وأبصارهم عن الحق يسعون في الأرض فسادًا، وذلك من خلال نشر المحرمات والآثام، واعتيادها كأنها محللة، ولم يقف الأمر عند ذلك فقط، إنما يمتد ليشمل الإقدام على تلك المحرمات والفواحش واللجوء لها كأمر طبيعي، أما النهي عن المعروف، هم العباد الذين يمنعون انتشار الطاعة والعبادة بين بنو آدم وبعضهم البعض، وهي واحدة من أشد الكبائر التي يقترفها العباد في حق بعضهم، جدير بالذكر أن الله يمكن أن يتغافل عن حقوقه لأن صفاته التواب الرحيم الغفور، ولكنه لا يمكن أن يتغافل عن حق العبد تجاه أخيه، وعليه فإن المعاصي والآثام المرتكبة هي أحد موانع صحة العبادات، ومن ثم عدم قبول الطاعات.
في ختام المقال نكون قد توصلنا معكم إلى أهم موانع صحة العبادات، ومدى عقوبتها على العباد، لذا فيمكننا القول أن تلك الحياة هي الفناء ليست دائمة، لذا اسعى دائمًا لكي تنال الرحمة والغفران من الله عز وجل بالتقرب إليه.