إصلاح ذات البين في القرآن وتحسين العلاقات بين الأخوة
في سطور هذا المقال سنتحدث حول إصلاح ذات البين في القرآن حيث يأمل الإسلام الطاهر أن تسود المحبة والحنان والرحمة بين المسلمين، وإذا كانت هناك خلافات بين المسلمين، فإنه سيأخذ زمام المبادرة لإصلاح الأمور المحطمة للأفراد والعائلات والمجتمعات، وإصلاح العلاقات التالفة وتذكيرهم بالرحمة، وقد ثبتت هذه المعاني في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وقد أوصى بها علماء المسلمين ورجال الحكماء منذ قرون.
إصلاح ذات البين في القرآن
المصالحة هي جهد لتحسين العلاقات بين المؤمنين وتقوية الروابط بينهم، القضاء على الخلافات، ومنع الغربة، وبناء الألفة، وبث روح المحبة والتعاون والوحدة والأخوة بين المؤمنين.
ولأهمية المصالحة أنزل أمر الله تعالى مؤكدا أهميته كما قال الله تعالى: لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا.
وذلك لأن قوة المسلمين تكمن في تماسكهم ووحدتهم، وفي محبتهم وتحالفهم، ولهذا – أيضًا – أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بصلاحهم، لأنه من أفضل الأعمال ومن أعظم العلاقات الطيبة التي يمكن أن يتقدم بها العبد إلى ربه.
آيات قرآنية تشير إلى الصلح
في سياق الحديث عن إصلاح ذات البين في القرآن، توجد العديد من النصوص القرآنية تحث على الصلح، نوضح منها ما يلي:
إصلاح ذات البين طاعة لله ولرسوله
ومن أبرز الآيات التي تتحدث عن الصلح قول تعالى: فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ.
هذه الآية تدعو إلى الخوف من الله وطاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا التزام بأحكام الشريعة الإسلامية وقيمها الإنسانية وإصلاح القضايا الاجتماعية، تجري في المنازعات بين الناس وتسوية نزاعاتهم بأفضل طريقة ممكنة.
تحسين العلاقات بين العائلات والأخوة
كما قال الله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾
يسجل القرآن الكريم حادثة الشجار بين القبيلتين في عصر الوحي والشجار والقتال بينهما، ويوجه المسلمين في ذلك الوقت، داعياً إياهم إلى المصالحة بسرعة ومواجهة رفض الرد بالإصلاح بالحسم.
كما جاء في كتاب الله: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ)
وبينما تقدم صورة لمشاكل الأسرة وتدعو إلى المصالحة، فإن هذه الآية تشير إلى اهتمام القرآن الخاص بحل المشاكل الأسرية وفض الخلافات الأسرية.
﴿لاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ يدعو القرآن المسلمين إلى الصلاح، أي أن يكونوا رحماء ورحماء، وأن يتقوا الله، وأن يتصالحوا.
تابع المزيد: حكم صيام الست من شوال
طرق لإصلاح ذات البين
في صدد عرضنا إلى إصلاح ذات البين في القرآن، أن يعلم الطالب أن هذا العمل هو عبادة يتقرب بها من الله تعالى، ولا بد أن يكون مخلصًا لله تعالى، تكلم مع الخصوم وذكرهم بخطورة هذا العمل، ونتائج عدم عرضه على الله تعالى، و استنبطه من القرآن والحديث.
مدح أحد الخصوم أمام الآخر، حتى لو حدث له نوع من الكذب، لا يعتبر كذبًا في هذا الأمر؛ لأن الشريعة تجيزه في مثل هذه الأمور، حذر المتخاصمين من أن الخلاف بينهم من عمل الشيطان، وأصر على أنها بتحريض من الشيطان ونداءه.
بادر بالمصالحة بين الطرفين بأسرع ما يمكن، لأن التأخير مضر، وهو ذريعة للنميمة وبث الفتنة وزيادة فرص الخلاف بين الطرفين، حيث جاءت العديد من الآيات القرآنية التي تحث على إصلاح ذات البين في القرآن.